للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَعْلَباً يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ اللِّقَاءَ هَاهُنَا لَا يَكُونُ إلَّا مُعَايَنَةً وَنَظْرَةً بِالْأَبْصَارِ. وَأَمَّا " الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ " فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ الدَّلِيلُ مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ قَوْلَهُ: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} وَإِنَّمَا الدَّلِيلُ آيَاتٌ أُخَرُ مِثْلُ قَوْلِهِ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} {إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} وَقَوْلُهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} وَقَوْلُهُ: {إنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} وَقَوْلُهُ: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَمِنْ أَقْوَى مَا يَتَمَسَّكُ بِهِ الْمُثْبِتُونَ: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {سَأَلَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابٍ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ فِي سَحَابٍ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ إلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا قَالَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ: أَيْ فُلَانٌ أَلَمْ أُكْرِمْك؟ أَلَمْ أُسَوِّدْك؟ أَلَمْ أُزَوِّجْك؟ أَلَمْ أُسَخِّرْ لَك الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وأتركك تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ قَالَ: فَظَنَنْت أَنَّك مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا. قَالَ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاك كَمَا نَسِيتنِي. قَالَ: فَيَلْقَى الثَّانِيَ فَيَقُولُ: أَلَمْ أُكْرِمْك؟ أَلَمْ أُسَوِّدْك؟ أَلَمْ أُزَوِّجْك؟ أَلَمْ أُسَخِّرْ لَك الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وأتركك تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟