وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَفِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ يَلْقَى رَبَّهُ. وَيُقَالُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخَلْقَ جَمِيعَهُمْ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ فَيَلْقَى اللَّهُ الْعَبْدَ عِنْدَ ذَلِكَ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَة وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُمَا " اللِّقَاءُ " الَّذِي فِي الْخَبَرِ غَيْرُ التَّرَائِي؛ لَا أَنَّ اللَّهَ تَرَاءَى لِمَنْ قَالَ لَهُ هَذَا الْقَوْلَ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: هَلْ نَرَى رَبَّنَا؟ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْكَافِرَ يَلْقَى رَبَّهُ فَيُوَبِّخُهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَتَّبِعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: {أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: هَلْ تُمَارُونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا. يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الشَّمْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ؛ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَعْرِفُونَهُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظهراني جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ جَاوَزَ مِنْ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ؛ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute