الْمَخْلُوقِينَ - سَوَاءٌ كَانَ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا - أَنْ يُقْسِمَ بِهِ وَلَا يَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْغَبَ إلَيْهِ وَلَا يَخْشَى وَلَا يَتَّقِيَ. وَقَالَ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} . فَقَدْ تَهَدَّدَ سُبْحَانَهُ مَنْ دَعَا شَيْئًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا مِلْكَ لَهُمْ مَعَ اللَّهِ وَلَا شِرْكًا فِي مُلْكِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَوْنٌ وَلَا ظَهِيرٌ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ؛ فَقَطَعَ تَعَلُّقَ الْقُلُوبِ بِالْمَخْلُوقَاتِ: رَغْبَةً وَرَهْبَةً وَعِبَادَةً وَاسْتِعَانَةً وَلَمْ يُبْقِ إلَّا الشَّفَاعَةَ وَهِيَ حَقٌّ؛ لَكِنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} . وَهَكَذَا دَلَّتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {إذَا أَتَى النَّاسُ آدَمَ وَأُولِي الْعَزْمِ نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَيَرُدَّهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى الَّذِي بَعْدَهُ إلَى أَنْ يَأْتُوا الْمَسِيحَ فَيَقُولُ لَهُمْ: اذْهَبُوا إلَى مُحَمَّدٍ عَبْدٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتُونِي فَأَذْهَبُ إلَى رَبِّي فَإِذَا رَأَيْته خَرَرْت سَاجِدًا وَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ يَفْتَحُهَا عَلَيَّ لَا أُحْسِنُهَا الْآنَ فَيُقَالُ لِي: أَيْ مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَك وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تعطه وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ - قَالَ - فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ} وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ. فَبَيَّنَ الْمَسِيحُ أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ لِأَنَّهُ عَبْدٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؛ وَبَيَّنَ مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَأَوْجَهُ الشُّفَعَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute