للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَلَامًا؛ لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ " لَفْظٌ وَمَعْنًى " هَلْ جَمِيعُهُ كَلَامُ اللَّهِ؟ أَمْ لَفْظُهُ كَلَامُ اللَّهِ؛ دُونَ مَعْنَاهُ؟ أَمْ مَعْنَاهُ كَلَامُ اللَّهِ دُونَ لَفْظِهِ؟ وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْجَمِيعَ كَلَامُ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} - إلَى قَوْلِهِ - {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} كَانَ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ يَقُولُونَ: إنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ مِنْ عَبْدٍ لِبَنِي الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لِسَانُ الَّذِي يُضِيفُونَ إلَيْهِ الْقُرْآنَ لِسَانٌ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ. وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ مُحَمَّدًا بَلَّغَ الْقُرْآنَ لَفْظَهُ وَمَعْنَاهُ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ مَعَانٍ مُجَرَّدَةً؛ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: تَلَقَّى مِنْ هَذَا الْأَعْجَمِيِّ مَعَانٍ صَاغَهَا بِلِسَانِهِ فَلَمَّا ذَكَرَ قَوْلَهُ: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} بَعْدَ قَوْلِهِ: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَزَلَ بِهَذَا اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ.

الْوَجْهُ السَّابِعُ

أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَسَائِرَ الْكَلَامِ: يُسْمَعُ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ كَمَا سَمِعَ مُوسَى كَلَامَ اللَّهِ مِنْ اللَّهِ وَسَمِعَ الصَّحَابَةُ كَلَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ وَتَارَةً يُسْمَعُ مِنْ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ؛ كَمَا سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ الْقُرْآنَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُبَلِّغِينَ عَنْهُ