للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَخْلُوقًا فِي الْهَوَاءِ أَوْ غَيْرِهِ جَعَلَهُ كَلَامًا لِذَلِكَ الْهَوَاءِ. وَكَفَّرَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ قَوْلُ الْمَلَكِ أَوْ قَوْلُ الْهَوَاءِ أَوْ الشَّجَرِ؛ بَلْ كَفَرَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ قَوْلُ الْبَشَرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ: لَا " لَفْظُهُ وَلَا مَعْنَاهُ " مِنْ قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ وَلَا مِنْ كَلَامِهِ بَلْ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَيْضًا فَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: {إنْ هَذَا إلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} لَا تَعُودُ إلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ؛ بَلْ إلَيْهِمَا.

الْوَجْهُ الْعَاشِرُ

وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ اللَّهِ كَمَا قَالَ: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} وَقَالَ: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} وَقَالَ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} . الضَّمِيرُ يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا لَا سِيَّمَا مَا فِي قَوْلِهِ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} فَإِنَّ الْكِتَابَ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: " إنَّ كَلَامَ اللَّهِ هُوَ الْمَعْنَى دُونَ الْحُرُوفِ " اسْمٌ لِلنَّظْمِ الْعَرَبِيِّ وَالْكَلَامُ عِنْدَهُ اسْمٌ لِلْمَعْنَى وَالْقُرْآنُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا؛ فَلَفْظُ الْكِتَابِ يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ الْعَرَبِيَّ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ. فَإِذَا أَخْبَرَ أَنَّ {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ} عُلِمَ أَنَّ النَّظْمَ الْعَرَبِيَّ مُنَزَّلٌ مِنْ اللَّهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ السَّلَفُ: إنَّهُ مِنْهُ بَدَأَ أَيْ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ. وَهَذَا " جَوَابٌ مُخْتَصَرٌ " عَنْ سُؤَالِ السَّائِلِ بِحَسَبِ مَا احْتَمَلَتْهُ هَذِهِ الْوَرَقَةُ؛ إذْ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.