ثُمَّ إنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ هَادِيًا مُبَلِّغًا بِلِسَانِ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ إذَا كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ قَطُّ إلَّا بِمَا يُخَالِفُ الْحَقَّ الْبَاطِنَ الْحَقِيقِيَّ فَهُوَ إلَى الضَّلَالِ وَالتَّدْلِيسِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْهُدَى وَالْبَيَانِ. وَبَسْطُ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ لَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ كُلُّهُ حَقٌّ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِفِطْرَةِ الْخَلَائِقِ وَمَا جُعِلَ فِيهِمْ مِنْ الْعُقُولِ الصَّرِيحَةِ والقصود الصَّحِيحَة لَا يُخَالِفُ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ وَلَا الْقَصْدَ الصَّحِيحَ وَلَا الْفِطْرَةَ الْمُسْتَقِيمَةَ وَلَا النَّقْلَ الصَّحِيحَ الثَّابِتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِنَّمَا يَظُنُّ تَعَارُضَهَا مَنْ صَدَّقَ بِبَاطِلِ مِنْ النُّقُولِ. أَوْ فَهِمَ مِنْهُ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ؛ أَوْ اعْتَقَدَ شَيْئًا ظَنَّهُ مِنْ الْعَقْلِيَّاتِ وَهُوَ مِنْ الجهليات. أَوْ مِنْ الْكُشُوفَاتِ وَهُوَ مِنْ الكسوفات - إنْ كَانَ ذَلِكَ مُعَارِضًا لِمَنْقُولِ صَحِيحٍ - وَإِلَّا عَارَضَ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ أَوْ الْكَشْفِ الصَّحِيحِ: مَا يَظُنُّهُ مَنْقُولًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونُ كَذِبًا عَلَيْهِ أَوْ مَا يَظُنُّهُ لَفْظًا دَالًّا عَلَى شَيْءٍ وَلَا يَكُونُ دَالًّا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ صَافَحَهُ وَقَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينِهِ} حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُمْ - لَوْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ ثَابِتًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَجَرَ لَيْسَ هُوَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ إذْ قَالَ: {هُوَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ} فَتَقْيِيدُهُ بِالْأَرْضِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ يَدُهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute