فَحَارَبَ أَوَّلًا بَنِي قَيْنُقَاعَ ثُمَّ النَّضِيرِ - وَفِيهِمْ نَزَلَتْ سُورَةُ الْحَشْرِ - ثُمَّ قُرَيْظَةَ عَامَ الْخَنْدَقِ فَكَيْفَ يُقَالُ نَزَلَتْ فِي يَهُودِ خَيْبَرَ كالبيهقي؟ فَإِنَّ هَذَا مِنْ كَذَّابٍ جَاهِلٍ لَمْ يُحْسِنْ كَيْفَ يَكْذِبُ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ انْتِصَارَ الْيَهُودِ عَلَى غطفان لَمَّا دَعَوْا بِهَذَا الدُّعَاءِ؛ وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُ هَذَا الْكَذَّابِ وَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا وَقَعَ لَكَانَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ دَوَاعِي الصَّادِقِينَ عَلَى نَقْلِهِ. وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ لَوْ كَانَ مِمَّا يَقْتَضِي السُّؤَالُ بِهِ وَالْإِقْسَامُ بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ لِأَنَّهُ أَوَّلًا لَمْ يَثْبُتْ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ هَذَا شَرْعًا لَنَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ عَنْ سُجُودِ إخْوَةِ يُوسُفَ وَأَبَوَيْهِ وَأَخْبَرَ عَنْ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَهْلِ الْكَهْفِ أَنَّهُمْ قَالُوا: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} وَنَحْنُ قَدْ نُهِينَا عَنْ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ وَلَفْظُ الْآيَةِ إنَّمَا فِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} وَالِاسْتِفْتَاحُ طَلَبُ الْفَتْحِ وَهُوَ النَّصْرُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَأْثُورُ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ أَيْ يَسْتَنْصِرُ بِهِمْ أَيْ بِدُعَائِهِمْ كَمَا قَالَ هَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ بِصَلَاتِهِمْ وَدُعَائِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ؟} . وَهَذَا قَدْ يَكُونُ بِأَنْ يَطْلُبُوا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَنْصُرَهُمْ بِالنَّبِيِّ الْمَبْعُوثِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِأَنْ يُعَجِّلَ بَعْثَ ذَلِكَ النَّبِيِّ إلَيْهِمْ لِيَنْتَصِرُوا بِهِ عَلَيْهِمْ؛ لَا لِأَنَّهُمْ أَقْسَمُوا عَلَى اللَّهِ وَسَأَلُوا بِهِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute