خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} قَالُوا: فَأَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ الْقَمَرَ فِي السَّمَوَاتِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} . فَأَخْبَرَ فِي الْآيَتَيْنِ أَنَّ الْقَمَرَ فِي الْفَلَكِ؛ كَمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَلِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّا نَرَى السَّمَوَاتِ بِقَوْلِهِ: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} . وَقَالَ: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ السَّمَاءَ مُشَاهَدَةٌ؛ وَالْمُشَاهَدُ هُوَ الْفَلَكُ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا هُوَ الْآخَرُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: هَلْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ تُحَرَّكَانِ بِدُونِ الْفَلَكِ أَمْ حَرَكَتُهُمَا بِحَرَكَةِ الْفَلَكِ فَفِيهِ نِزَاعٌ أَيْضًا؛ لَكِنَّ جُمْهُورَ النَّاسِ عَلَى أَنَّ حَرَكَتَهُمَا بِحَرَكَةِ الْفَلَكِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} فَلَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُمْ يَسْبَحُونَ تَابِعًا لِحَرَكَةِ الْفَلَكِ كَمَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنَّ تَعَاقُبَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ تَابِعٌ لِحَرَكَةِ غَيْرِهِمَا وَقَوْلِهِ. {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} يَتَنَاوَلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute