وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فِي الْفَلَكِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَنْتَقِلُ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ. وَلَيْسَتْ السَّمَوَاتُ مُتَّصِلَةً بِالْأَرْضِ لَا عَلَى جَبَلِ قَافٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ بَلْ الْأَفْلَاكُ مُسْتَدِيرَةٌ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَكَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرُهُمْ. فَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي وَأَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْأَفْلَاكَ مُسْتَدِيرَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} قَالَ: فِي فَلْكَةٍ مِثْلِ فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ. وَالْفَلَكُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الشَّيْءُ الْمُسْتَدِيرُ يُقَالُ: تَفَلَّكَ ثَدْيُ الْجَارِيَةِ إذَا اسْتَدَارَ. وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ أَرَضِينَ بَعْضَهُنَّ فَوْقَ بَعْضٍ كَمَا ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ ظَلَمَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ طوقه مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَأَرَادَ بِهِ إجْمَاعَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ. وَتَحْتَ الْعَرْشِ بَحْرٌ كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ وَكَمَا ذَكَرَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَكَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ. وَالْعَرْشُ فَوْقَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُوَ سَقْفُ جَنَّةِ عَدْنٍ الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْجَنَّةِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ الْجَنَّةَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ؛ فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَسَقْفُهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute