سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فِي السَّمَوَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} بَيَّنَ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنَّهُ خَلَقَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ؛ لِأَنَّ الْجَعْلَ هُوَ التَّصْيِيرُ. يُقَالُ: جَعَلَ كَذَا إذَا صَيَّرَهُ فَذَكَرَ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنَّهُ جَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ لِأَنَّ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ مَجْعُولَةٌ مِنْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ: الْمَخْلُوقَةُ فِي السَّمَوَاتِ؛ وَلَيْسَ الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ جِسْمًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ صِفَةٌ وَعَرَضٌ قَائِمٌ بِغَيْرِهِ. " فَالنُّورُ " هُوَ شُعَاعُ الشَّمْسِ وَضَوْءُهَا الَّذِي يَنْشُرُهُ اللَّهُ فِي الْهَوَاءِ وَعَلَى الْأَرْضِ. وَأَمَّا " الظُّلْمَةُ فِي اللَّيْلِ " فَقَدْ قِيلَ: هِيَ كَذَلِكَ وَقِيلَ هِيَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ فَهَذَا اللَّيْلُ وَهَذَا النَّهَارُ اللَّذَانِ يَخْتَلِفَانِ عَلَيْنَا اللَّذَانِ يُولِجُ اللَّهُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ فَيُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَيَخْلُفُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَتَعَاقَبَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} وَقَالَ تَعَالَى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} . بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا وَاحِدًا لَا يَتَعَدَّاهُ. فَالشَّمْسُ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَتَلْحَقَهُ بَلْ لَهَا مَجْرًى قَدَّرَهُ اللَّهُ لَهَا وَلِلْقَمَرِ مَجْرَى قَدَّرَهُ اللَّهُ لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute