أَوْ يُخَلِّصَهُ مِنْ بَلَاءٍ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وقتادة وَابْنُ زَيْدٍ؛ فَالشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ إعَانَةٌ عَلَى خَيْرٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ مِنْ نَفْعِ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّفْعَ وَدَفْعِ الضُّرِّ عَمَّنْ يَسْتَحِقُّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْهُ. وَ " الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ " إعَانَتُهُ عَلَى مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَالشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا ظُلْمُ الْإِنْسَانِ أَوْ مَنْعُ الْإِحْسَانِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ. وَفُسِّرَتْ الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ بِالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالسَّيِّئَةُ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ، وَفُسِّرَتْ الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكُلُّ هَذَا صَحِيحٌ. فَالشَّافِعُ زَوْجُ الْمَشْفُوعِ لَهُ إذْ الْمَشْفُوعُ عِنْدَهُ مِنْ الْخُلُقِ إمَّا أَنْ يُعِينَهُ عَلَى بِرٍّ وَتَقْوَى وَإِمَّا أَنْ يُعِينَهُ عَلَى إثْمٍ وَعُدْوَانٍ. وَكَانَ {النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ} . وَتَمَامُ الْكَلَامِ يُبَيِّنُ أَنَّ الْآيَةَ - وَإِنْ تَنَاوَلَتْ الظَّالِمَ الَّذِي ظَلَمَ بِكُفْرِهِ - فَهِيَ أَيْضًا مُتَنَاوِلَةٌ مَا دُونَ ذَلِكَ وَإِنْ قِيلَ فِيهَا: {وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} فَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفَةِ تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ} . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي " الصَّحِيحِ " أَنَّهُ قَالَ: {مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ إلَّا جُعِلَ لَهُ كَنْزُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتِهِ أَنَا مَالُك أَنَا كَنْزُك. وَفِي لَفْظٍ: إلَّا مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَفِرُّ مِنْهُ وَهُوَ يَتْبَعُهُ حَتَّى يُطَوِّقَهُ فِي عُنُقِهِ وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} } . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: {مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ حَيْثُمَا ذَهَبَ وَهُوَ يَفِرُّ مِنْهُ: هَذَا مَالُك الَّذِي كُنْت تَبْخَلُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute