للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ؛ أَلَمْ تَسْمَعُوا إلَى قَوْلِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ: {إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} } . وَاَلَّذِينَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ظَنُّوا: أَنَّ الظُّلْمَ الْمَشْرُوطَ هُوَ ظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ الْأَمْنُ وَالِاهْتِدَاءُ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؛ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ مَا دَلَّهُمْ عَلَى أَنَّ الشِّرْكَ ظُلْمٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْصُلُ الْأَمْنُ وَالِاهْتِدَاءُ إلَّا لِمَنْ لَمْ يُلْبِسْ إيمَانَهُ بِهَذَا الظُّلْمِ؛ وَمَنْ لَمْ يُلْبِسْ إيمَانَهُ بِهِ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْنِ وَالِاهْتِدَاءِ. كَمَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاصْطِفَاءِ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} إلَى قَوْلِهِ {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} . وَهَذَا لَا يَنْفِي أَنْ يُؤَاخَذَ أَحَدُهُمْ بِظُلْمِ نَفْسِهِ إذَا لَمْ يَتُبْ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} . وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} . وَقَدْ {سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّنَا لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا؟ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْت تَنْصَبُ أَلَسْت تَحْزَنُ أَلَسْت تُصِيبُك اللَّأْوَاءُ؟ فَذَلِكَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ} فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي إذَا تَابَ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَدْ يُجْزَى بِسَيِّئَاتِهِ فِي الدُّنْيَا بِالْمَصَائِبِ الَّتِي تُصِيبُهُ كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنْ الزَّرْعِ تُفَيِّئُهَا الرِّيَاحُ تُقَوِّمُهَا تَارَةً وَتُمِيلُهَا أُخْرَى وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الْأَرْزِ لَا تَزَالُ ثَابِتَةً