للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُوسَى الْكَلِيمَ ثُمَّ عِيسَى ثُمَّ يَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فَيَطْلُبُونَ مِنْهُ الشَّفَاعَةَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ التَّوَسُّلُ مَعَ ذَلِكَ بِأَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى بِشَفَاعَتِهِ وَدُعَائِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْأَعْمَى الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ وَذِكْرُهُ فَإِنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ فَدَعَا لَهُ الرَّسُولُ وَشَفَعَ فِيهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ فَيَقُولَ {اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِهِ اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ} فَأَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى قَبُولَ شَفَاعَتِهِ؛ بِخِلَافِ مَنْ يَتَوَسَّلُ بِدُعَاءِ الرَّسُولِ وَشَفَاعَةِ الرَّسُولِ - وَالرَّسُولُ لَمْ يَدْعُ لَهُ وَلَمْ يَشْفَعْ فِيهِ - فَهَذَا تَوَسُّلٌ بِمَا لَمْ يُوجَدْ وَإِنَّمَا يَتَوَسَّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ مَنْ دَعَا لَهُ وَشَفَعَ فِيهِ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقْتَ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ عُمَرَ وَالْمُسْلِمِينَ تَوَسَّلُوا بِدُعَاءِ الْعَبَّاسِ وَسَأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى مَعَ دُعَاءِ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُمْ اسْتَشْفَعُوا جَمِيعًا وَلَمْ يَكُنْ الْعَبَّاسُ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي دَعَا لَهُمْ فَصَارَ التَّوَسُّلُ بِطَاعَتِهِ وَالتَّوَسُّلُ بِشَفَاعَتِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ مَعَ دُعَاءِ الْمُتَوَسِّلِ وَسُؤَالِهِ وَلَا يَكُونُ بِدُونِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ كُلُّهَا مَشْرُوعَةٌ لَا يُنَازِعُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ.

وَدِينُ الْإِسْلَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ وَهُمَا: تَحْقِيقُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ: وَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنْ لَا تَجْعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَلَا تُحِبُّ مَخْلُوقًا كَمَا تُحِبُّ اللَّهَ وَلَا تَرْجُوهُ كَمَا تَرْجُو اللَّهَ وَلَا تَخْشَاهُ كَمَا تَخْشَى اللَّهَ وَمَنْ سَوَّى