للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَمِيرِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْوَالِي يُرِيدُ مَا يَعْرِفَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَجَازًا. وَكَذَلِكَ الضَّمِيرُ يَعُودُ إلَى مَعْلُومٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ. كَقَوْلِهِ: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ} وَقَوْلِهِ: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} وَأَمْثَالِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَجَازًا؛ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ. وَ " أَيْضًا " فَإِذَا قَالَ لِشُجَاعِ: هَذَا الْأَسَدُ فَعَلَ الْيَوْمَ كَذَا، وَلِبَلِيدِ: هَذَا الْحِمَارُ قَالَ الْيَوْمَ كَذَا، أَوْ لِعَالِمِ أَوْ جَوَادٍ: هَذَا الْبَحْرُ جَرَى مِنْهُ الْيَوْمَ كَذَا؛ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ فَلَا يَبْقَى قَطُّ مَجَازًا. وَإِنْ قَالَ: الْمُتَّصِلُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْخِطَابِ. قِيلَ لَهُ: فَهَذَا أَشَدُّ عَلَيْك مِنْ الْأَوَّلِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُتَكَلِّمٍ بِالْمَجَازِ لَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ حَالَ الْخِطَابِ مَا يُبَيِّنُ مُرَادَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ التَّكَلُّمُ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ: أَنَا أُجَوِّزُ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ مَوْرِدِ الْخِطَابِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ. قِيلَ: أَكْثَرُ النَّاسِ لَا يُجَوِّزُونَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِلَفْظِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى وَهُوَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى إلَّا إذَا بَيَّنَ وَإِنَّمَا يُجَوِّزُونَ تَأْخِيرَ بَيَانِ مَا لَمْ يَدُلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ كَالْمُجْمَلَاتِ. ثُمَّ نَقُولُ: إذَا جَوَّزْت تَأْخِيرَ الْبَيَانِ فَالْبَيَانُ قَدْ يَحْصُلُ بِجُمْلَةِ تَامَّةٍ وَبِأَفْعَالِ مِنْ الرَّسُولِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَا يَكُونُ الْبَيَانُ الْمُتَأَخِّرُ إلَّا مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ مِمَّا يَجِبُ اقْتِرَانُهُ بِغَيْرِهِ. فَإِنْ جَعَلْت هَذَا مَجَازًا؛ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَا يَحْتَاجُ فِي الْعَمَلِ إلَى بَيَانٍ مَجَازًا كَقَوْلِهِ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} . ثُمَّ يُقَالُ: هَبْ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ عَقْلًا لَكِنْ لَيْسَ وَاقِعًا فِي الشَّرِيعَةِ أَصْلًا وَجَمِيعُ مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَلِكَ بَاطِلٌ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ، فَإِنَّ الَّذِينَ قَالُوا: