للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ يُفْتَحُ لَهُمْ بَابٌ مِنْ الْجَنَّةِ وَهُمْ فِي النَّارِ فَيُسْرِعُونَ إلَيْهِ فَيُغْلَقُ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُمْ بَابٌ آخَرُ فَيُسْرِعُونَ إلَيْهِ فَيُغْلَقُ فَيَضْحَكُ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ. قَالَ تَعَالَى: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} . وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ؛ خَمَدَتْ النَّارُ لَهُمْ كَمَا تَخْمُدُ الْإِهَالَةُ مِنْ الْقِدْرِ فَيَمْشُونَ فَيُخْسَفُ بِهِمْ. وَعَنْ مُقَاتِلٍ: إذَا ضُرِبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ بِسُورِ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ فَيَبْقَوْنَ فِي الظُّلْمَةِ فَيُقَالُ لَهُمْ: ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اسْتِهْزَاؤُهُ: اسْتِدْرَاجُهُ لَهُمْ. وَقِيلَ: إيقَاعُ اسْتِهْزَائِهِمْ وَرَدُّ خِدَاعِهِمْ وَمَكْرِهِمْ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: إنَّهُ يُظْهِرُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِلَافَ مَا أَبْطَنَ فِي الْآخِرَةِ. وَقِيلَ هُوَ تَجْهِيلُهُمْ وَتَخْطِئَتُهُمْ فِيمَا فَعَلُوهُ؛ وَهَذَا كُلُّهُ حَقٌّ وَهُوَ اسْتِهْزَاءٌ بِهِمْ حَقِيقَةً.

وَمِنْ الْأَمْثِلَةِ الْمَشْهُورَةِ لِمَنْ يُثْبِتُ الْمَجَازَ فِي الْقُرْآنِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} . قَالُوا الْمُرَادُ بِهِ أَهْلُهَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَقِيلَ لَهُمْ: لَفْظُ الْقَرْيَةِ وَالْمَدِينَةِ وَالنَّهْرِ وَالْمِيزَابِ؛ وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي فِيهَا الْحَالُّ وَالْمَحَالُّ كِلَاهُمَا دَاخِلٌ فِي الِاسْمِ. ثُمَّ قَدْ يَعُودُ الْحُكْمُ عَلَى الْحَالِّ وَهُوَ السُّكَّانُ وَتَارَةً عَلَى الْمَحَلِّ وَهُوَ الْمَكَانُ وَكَذَلِكَ فِي النَّهْرِ يُقَالُ: حَفَرْت النَّهْرَ وَهُوَ الْمَحَلُّ. وَجَرَى النَّهْرُ وَهُوَ الْمَاءُ وَوَضَعْت الْمِيزَابَ وَهُوَ الْمَحَلُّ وَجَرَى الْمِيزَابُ وَهُوَ الْمَاءُ وَكَذَلِكَ الْقَرْيَةُ قَالَ تَعَالَى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} . وَقَوْلُهُ: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ