للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّصْدِيقُ؛ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَبْلَغَ مِنْ نَقْلِ الْمُسْلِمِينَ كَافَّةً لِلْقُرْآنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ قَدْ يَظُنُّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى وَلَمْ يُرِدْهُ؛ فَظَنُّ هَؤُلَاءِ ذَلِكَ فِيمَا يَنْقُلُونَهُ عَنْ الْعَرَبِ أَوْلَى. (الْخَامِسُ) : أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا؛ فَهُمْ آحَادٌ لَا يَثْبُتُ بِنَقْلِهِمْ التَّوَاتُرُ و " التَّوَاتُرُ " مِنْ شَرْطِهِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَالْوَاسِطَةِ وَأَيْنَ التَّوَاتُرُ الْمَوْجُودُ عَنْ الْعَرَبِ قَاطِبَةً قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ؟ إنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ لِلْإِيمَانِ مَعْنًى غَيْرَ التَّصْدِيقِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يَقْدَحُ فِي الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ؛ قِيلَ: فَلْيَكُنْ. وَنَحْنُ لَا حَاجَةَ بِنَا مَعَ بَيَانِ الرَّسُولِ لِمَا بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْقُرْآنِ أَنْ نَعْرِفَ اللُّغَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ وَاَلَّذِينَ خُوطِبُوا بِهِ كَانُوا عَرَبًا وَقَدْ فَهِمُوا مَا أُرِيدَ بِهِ وَهُمْ الصَّحَابَةُ ثُمَّ الصَّحَابَةُ بَلَّغُوا لَفْظَ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ إلَى التَّابِعِينَ حَتَّى انْتَهَى إلَيْنَا فَلَمْ يَبْقَ بِنَا حَاجَةٌ إلَى أَنْ تَتَوَاتَرَ عِنْدَنَا تِلْكَ اللُّغَةُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ تَوَاتُرِ الْقُرْآنِ، لَكِنْ لَمَّا تَوَاتَرَ الْقُرْآنُ لَفْظًا وَمَعْنًى وَعَرَفْنَا أَنَّهُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ؛ عَرَفْنَا أَنَّهُ كَانَ فِي لُغَتِهِمْ لَفْظُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مَعْنَاهَا فِي الْقُرْآنِ. وَإِلَّا فَلَوْ كُلِّفْنَا نَقْلًا مُتَوَاتِرًا لِآحَادِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ؛ لَتَعَذَّرَ عَلَيْنَا ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ أَنَّ جَمِيعَ الْعَرَبِ كَانَتْ تُرِيدُ بِاللَّفْظِ هَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّ هَذَا يَتَعَذَّرُ الْعِلْمُ بِهِ، وَالْعِلْمُ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ بَلْ الصَّحَابَةُ بَلَّغُوا مَعَانِيَ