السُّؤَالُ بِذَاتِهِ لَكَانَ سُؤَالُ الْخَلْقِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى مِنْ سُؤَالِ اللَّهِ بِالْخَلْقِ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ هُوَ الْأَوَّلُ أَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: " نَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ عَلَيْك " وَلَمْ يُنْكِرْ قَوْلَهُ نَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى اللَّهِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَسْأَلُ الْمَشْفُوعَ إلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَةَ الطَّالِبِ؛ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يَسْأَلُ أَحَدًا مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يَقْضِيَ حَوَائِجَ خَلْقِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ ذَكَرَ اسْتِشْفَاعَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: - شَفِيعِي إلَيْك اللَّهُ لَا رَبَّ غَيْرَهُ وَلَيْسَ إلَى رَدِّ الشَّفِيعِ سَبِيلُ فَهَذَا كَلَامٌ مُنْكَرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ عَالِمٌ. وَكَذَلِكَ بَعْضُ الِاتِّحَادِيَّةِ ذَكَرَ أَنَّهُ اسْتَشْفَعَ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ وَضَلَالٌ؛ بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ الْمَسْئُولُ الْمَدْعُوُّ الَّذِي يَسْأَلُهُ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ وَلَكِنْ هُوَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَأْمُرُ عِبَادَهُ فَيُطِيعُونَهُ وَكُلُّ مَنْ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ فَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى فَالرُّسُلُ يُبَلِّغُونَ عَنْ اللَّهِ أَمْرَهُ؛ فَمَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ بَايَعَهُمْ فَقَدْ بَايَعَ اللَّهَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} . وَأُولُو الْأَمْرِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ الْإِمَارَةِ إنَّمَا تَجِبُ طَاعَتُهُمْ إذَا أَمَرُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ وَمَنْشَطِهِ وَمَكْرَهِهِ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute