للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى تَفْصِيلٍ ذَكَرُوهُ وَاخْتَلَفُوا فِي إضَافَةِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ التَّصْدِيقِ إلَيْهِ لِصِحَّةِ الِاسْمِ فَمِنْهَا تَرْكُ قَتْلِ الرَّسُولِ وَتَرْكُ إيذَائِهِ وَتَرْكُ تَعْظِيمِ الْأَصْنَامِ فَهَذَا مِنْ التروك، وَمِنْ الْأَفْعَالِ نُصْرَةُ الرَّسُولِ وَالذَّبُّ عَنْهُ وَقَالُوا: إنَّ جَمِيعَهُ يُضَافُ إلَى التَّصْدِيقِ شَرْعًا وَقَالَ آخَرُونَ: إنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ لَا يَخْرُجُ الْمَرْءُ بِالْمُخَالَفَةِ فِيهِ عَنْ الْإِيمَانِ. قُلْت: وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ لَيْسَا قَوْلَ جَهْمٍ؛ لَكِنْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُجَرَّدَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ وَلَيْسَ هُوَ شَيْئًا وَاحِدًا وَقَالَ: إنَّ الشَّرْعَ تَصَرَّفَ فِيهِ وَهَذَا يَهْدِمُ أَصْلَهُمْ؛ وَلِهَذَا كَانَ حُذَّاقُ هَؤُلَاءِ كَجَهْمِ والصالحي وَأَبِي الْحَسَنِ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَزُولُ عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ إلَّا بِزَوَالِ الْعِلْمِ مِنْ قَلْبِهِ.

قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: (بَابٌ) فِي ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ: اعْلَمْ أَنَّ غَرَضَنَا فِي هَذَا الْبَابِ يَسْتَدْعِي تَقْدِيمَ ذِكْرِ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ. قَالَ: وَهَذَا مِمَّا تَبَايَنَتْ فِيهِ مَذَاهِبُ الْإِسْلَامِيِّينَ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ والكَرَّامِيَة ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا مَذَاهِبُ أَصْحَابِنَا فَصَارَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالنُّظَّارِ مِنْهُمْ إلَى أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ رَأْيُهُ فِي مَعْنَى التَّصْدِيقِ؛ وَقَالَ مَرَّةً: الْمَعْرِفَةُ بِوُجُودِهِ وَقِدَمِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ. وَقَالَ مَرَّةً: التَّصْدِيقُ: قَوْلٌ فِي النَّفْسِ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْمَعْرِفَةَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوجَدَ دُونَهَا وَهَذَا مُقْتَضَاهُ؛ فَإِنَّ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ وَالصِّدْقَ وَالْكَذِبَ بِالْأَقْوَالِ أَجْدَرُ