للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ آذَوْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمُ مَعَ إيمَانٍ فِي قَلْبِهِ كَالْمُكْرَهِ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ جَهْمٍ وَمَنْ اتَّبَعَهُ فَإِنَّهُ جَعَلَ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْكُفْرِ مِنْ أَهْلِ وَعِيدِ الْكُفَّارِ إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} قِيلَ: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِأَوَّلِهَا فَإِنَّهُ مَنْ كَفَرَ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَقَدْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا وَإِلَّا نَاقَضَ أَوَّلُ الْآيَةِ آخِرَهَا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِمَنْ كَفَرَ هُوَ الشَّارِحُ صَدْرَهُ وَذَلِكَ يَكُونُ بِلَا إكْرَاهٍ لَمْ يُسْتَثْنَ الْمُكْرَهُ فَقَطْ بَلْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى الْمُكْرَهُ وَغَيْرُ الْمُكْرَهِ إذَا لَمْ يَشْرَحْ صَدْرَهُ وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ طَوْعًا فَقَدْ شَرَحَ بِهَا صَدْرًا وَهِيَ كُفْرٌ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ إنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} . فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّا تَكَلَّمْنَا بِالْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ لَهُ بَلْ كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ وَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ بِآيَاتِ اللَّهِ كُفْرٌ وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا مِمَّنْ شَرَحَ صَدْرَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَلَوْ كَانَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ مَنَعَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ.