للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَعْمَى تَوَسَّلَ بِهِ وَلَمْ يَدْعُ لَهُ الرَّسُولُ بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ الْأَعْمَى لَكَانَ عُمْيَانُ الصَّحَابَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ يَفْعَلُونَ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْأَعْمَى فَعُدُولُهُمْ عَنْ هَذَا إلَى هَذَا - مَعَ أَنَّهُمْ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنَّا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبِحُقُوقِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَا يَشْرَعُ مِنْ الدُّعَاءِ وَيَنْفَعُ وَمَا لَمْ يَشْرَعْ وَلَا يَنْفَعْ وَمَا يَكُونُ أَنْفَعَ مِنْ غَيْرِهِ وَهُمْ فِي وَقْتِ ضَرُورَةٍ وَمَخْمَصَةٍ وَجَدْبٍ يَطْلُبُونَ تَفْرِيجَ الْكُرُبَاتِ وَتَيْسِيرَ الْعَسِيرِ وَإِنْزَالَ الْغَيْثِ بِكُلِّ طَرِيقٍ مُمْكِنٍ - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ مَا سَلَكُوهُ دُونَ مَا تَرَكُوهُ. وَلِهَذَا ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مَا فَعَلُوهُ دُونَ مَا تَرَكُوهُ وَذَلِكَ أَنَّ التَّوَسُّلَ بِهِ حَيًّا هُوَ الطَّلَبُ لِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَسْأَلَتِهِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ وَهَذَا مَشْرُوعٌ؛ فَمَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ. وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَمْ يَكُنْ الصَّحَابَةُ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الدُّعَاءَ لَا عِنْدَ قَبْرِهِ وَلَا عِنْدَ غَيْرِ قَبْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ عِنْدَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ؛ يَسْأَلُ أَحَدُهُمْ الْمَيِّتَ حَاجَتَهُ أَوْ يُقْسِمَ عَلَى اللَّهِ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ حِكَايَاتٌ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ بَلْ طَلَبُ الدُّعَاءِ مَشْرُوعٌ مِنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرِ لَمَّا اسْتَأْذَنَهُ فِي الْعُمْرَةِ: {لَا تَنْسَنَا يَا أَخِي مَنْ دُعَائِك} - إنْ صَحَّ