فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيَانًا لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى ذَلِكَ بِالِاشْتِقَاقِ وَشَوَاهِدِ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَلِهَذَا يَجِبُ الرُّجُوعُ فِي مُسَمَّيَاتِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ إلَى بَيَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُ شَافٍ كَافٍ؛ بَلْ مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَعْلُومَةٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ بَلْ كُلُّ مَنْ تَأَمَّلَ مَا تَقُولُهُ الْخَوَارِجُ وَالْمُرْجِئَةُ فِي مَعْنَى الْإِيمَانِ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلرَّسُولِ وَيَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ تَمَامِ الْإِيمَانِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجْعَلُ كُلَّ مَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا كَافِرًا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ نُؤْمِنُ بِمَا جِئْتَنَا بِهِ بِقُلُوبِنَا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ؛ وَنُقِرُّ بِأَلْسِنَتِنَا بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَّا أَنَّا لَا نُطِيعُك فِي شَيْءٍ مِمَّا أَمَرْت بِهِ وَنَهَيْت عَنْهُ فَلَا نُصَلِّي وَلَا نَصُومُ وَلَا نَحُجُّ وَلَا نُصَدِّقُ الْحَدِيثَ وَلَا نُؤَدِّي الْأَمَانَةَ وَلَا نَفِي بِالْعَهْدِ وَلَا نَصِلُ الرَّحِمَ وَلَا نَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ الَّذِي أَمَرْت بِهِ وَنَشْرَبُ الْخَمْرَ؛ وَنَنْكِحُ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِالزِّنَا الظَّاهِرِ وَنَقْتُلُ مَنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِك وَأُمَّتِك وَنَأْخُذُ أَمْوَالَهُمْ بَلْ نَقْتُلُك أَيْضًا وَنُقَاتِلُك مَعَ أَعْدَائِك؛ هَلْ كَانَ يَتَوَهَّمُ عَاقِلٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُمْ: أَنْتُمْ مُؤْمِنُونَ كَامِلُو الْإِيمَانِ وَأَنْتُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُرْجَى لَكُمْ أَلَّا يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ النَّارَ بَلْ كُلُّ مُسْلِمٍ يَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ: أَنْتُمْ أَكْفَرُ النَّاسِ بِمَا جِئْت بِهِ وَيَضْرِبُ رِقَابَهُمْ إنْ لَمْ يَتُوبُوا مِنْ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مُسْلِمٍ يَعْلَمُ أَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ وَالزَّانِيَ وَالْقَاذِفَ وَالسَّارِقَ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْعَلُهُمْ مُرْتَدِّينَ يَجِبُ قَتْلُهُمْ بَلْ الْقُرْآنُ وَالنَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ عَنْهُ يُبَيِّنُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ عُقُوبَاتٌ غَيْرُ عُقُوبَةِ الْمُرْتَدِّ عَنْ الْإِسْلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute