للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالشَّفَاعَةُ نَوْعَانِ: - أَحَدُهُمَا: الشَّفَاعَةُ الَّتِي نَفَاهَا اللَّهُ تَعَالَى كَاَلَّتِي أَثْبَتَهَا الْمُشْرِكُونَ وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ جُهَّالِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَضُلَّالِهِمْ وَهِيَ شِرْكٌ. وَالثَّانِي: أَنْ يَشْفَعَ الشَّفِيعُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَهَذِهِ الَّتِي أَثْبَتَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ وَلِهَذَا كَانَ سَيِّدُ الشُّفَعَاءِ إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْخَلْقُ الشَّفَاعَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْتِي وَيَسْجُدُ. قَالَ: {فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ يَفْتَحُهَا عَلَيَّ لَا أُحْسِنُهَا الْآنَ فَيُقَالُ: أَيْ مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَك وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تعطه وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ} فَإِذَا أُذِنَ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ شَفَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ. قَالَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ التَّوَسُّلِ وَالِاسْتِشْفَاعِ بِهِ - بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ هُوَ دَاعِيًا لِلْمُتَوَسِّلِ بِهِ - أَنْ يَشْرَعَ ذَلِكَ فِي مَغِيبِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ؛ مَعَ أَنَّهُ هُوَ لَمْ يَدْعُ لِلْمُتَوَسِّلِ بِهِ بَلْ الْمُتَوَسِّلُ بِهِ أَقْسَمَ لَهُ أَوْ سَأَلَ بِذَاتِهِ مَعَ كَوْنِ الصَّحَابَةِ فَرَّقُوا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي حَيَاتِهِ يَدْعُو هُوَ لِمَنْ تَوَسَّلَ بِهِ وَدُعَاؤُهُ هُوَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ أَفْضَلُ دُعَاءِ الْخَلْقِ فَهُوَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ فَدُعَاؤُهُ لِمَنْ دَعَا لَهُ وَشَفَاعَتُهُ لَهُ أَفْضَلُ دُعَاءِ مَخْلُوقٍ لِمَخْلُوقِ فَكَيْفَ يُقَاسُ هَذَا بِمَنْ لَمْ يَدْعُ لَهُ الرَّسُولُ وَلَمْ يَشْفَعْ لَهُ؟ وَمَنْ سَوَّى بَيْنَ مَنْ دَعَا لَهُ الرَّسُولُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَدْعُ لَهُ الرَّسُولُ وَجَعَلَ هَذَا التَّوَسُّلَ كَهَذَا التَّوَسُّلِ فَهُوَ مِنْ أَضَلِّ النَّاسِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي طَلَبِ الدُّعَاءِ مِنْهُ وَدُعَائِهِ هُوَ وَالتَّوَسُّلِ بِدُعَائِهِ ضَرَرٌ