للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ لَيْسَ مِنْ الْإِسْلَامِ بَلْ ذَلِكَ تَفْصِيلُ الْجُمْلَةِ هِيَ كُلُّهَا شَيْءٌ وَاحِدٍ وَجِمَاعُهَا الدِّينُ] (*) وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ} وَالتَّصْدِيقُ وَالْعَمَلُ يَتَنَاوَلُهُمَا اسْمُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ جَمِيعًا؛ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} وقَوْله تَعَالَى {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} فَبَيَّنَ أَنَّ الدِّينَ الَّذِي رَضِيَهُ وَيَقْبَلُهُ مِنْ عِبَادِهِ هُوَ الْإِسْلَامُ وَلَا يَكُونُ الدِّينُ فِي مَحَلِّ الرِّضَى وَالْقَبُولِ إلَّا بِانْضِمَامِ التَّصْدِيقِ إلَى الْعَمَلِ. " قُلْت ": تَفْرِيقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَإِنْ اقْتَضَى أَنَّ الْأَعْلَى هُوَ الْإِحْسَانُ وَالْإِحْسَانُ يَتَضَمَّنُ الْإِيمَانَ وَالْإِيمَانُ يَتَضَمَّنُ الْإِسْلَامَ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْعَكْسِ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى التَّلَازُمِ فَهُوَ صَرِيحٌ بِأَنَّ مُسَمَّى هَذَا لَيْسَ مُسَمَّى هَذَا لَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الدَّلَالَةَ تَخْتَلِفُ بِالتَّجْرِيدِ وَالِاقْتِرَانِ كَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ وَمَنْ فَهِمَ هَذَا انْحَلَّتْ عَنْهُ إشْكَالَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ حَادَّ عَنْهَا طَوَائِفُ - " مَسْأَلَةُ الْإِيمَانِ " وَغَيْرِهَا - وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الدِّينَ لَا يَكُونُ فِي مَحَلِّ الرِّضَى وَالْقَبُولِ إلَّا بِانْضِمَامِ التَّصْدِيقِ إلَى الْعَمَلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الْعَمَلِ مِنْ الْإِيمَانِ؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْإِيمَانِ مُطْلَقًا لَكِنْ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي هُوَ الدِّينُ لَيْسَ اسْمُهُ إسْلَامًا وَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ شَرْطًا فِي قَبُولِهِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ مُلَازِمًا لَهُ؛ وَلَوْ كَانَ مُلَازِمًا لَهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ جُزْءَ مُسَمَّاهُ.


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٦٢):
وقد وقع في هذا النقل تصحيفان، وصواب العبارة كما في (شرح السنة) للبغوي رحمه الله ١/ ٥٩:
" قد يجعل النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام اسماً لما ظهر من الأعمال، وجعل الإيمان اسماً لما بطن من الاعتقاد، وليس كذلك؛ لأن الأعمال ليست من الإيمان أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد، وجماعها الدين ".