للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَعَمَلُهُ مَرْدُودٌ وَهُوَ خَاسِرٌ فِي الْآخِرَةِ فَيَقْتَضِي وُجُوبَ دِينِ الْإِسْلَامِ وَبُطْلَانَ مَا سِوَاهُ لَا يَقْتَضِي أَنَّ مُسَمَّى الدِّينِ هُوَ مُسَمَّى الْإِيمَانِ؛ بَلْ أَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ: {آمَنَّا بِاللَّهِ} وَأُمِرْنَا أَنْ نَقُولَ {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} فَأُمِرْنَا بِاثْنَيْنِ؛ فَكَيْفَ نَجْعَلُهُمَا وَاحِدًا؟ وَإِذَا جَعَلُوا الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ شَيْئًا وَاحِدًا. فَإِمَّا أَنْ يَقُولُوا: اللَّفْظُ مُتَرَادِفٌ فَيَكُونُ هَذَا تَكْرِيرًا مَحْضًا ثُمَّ مَدْلُولُ هَذَا اللَّفْظِ عَيْنُ مَدْلُولِ هَذَا اللَّفْظِ وَإِمَّا أَنْ يَقُولُوا: بَلْ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ يَدُلُّ عَلَى صِفَةٍ غَيْرِ الصِّفَةِ الْأُخْرَى كَمَا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَأَسْمَاءِ كِتَابِهِ؛ لَكِنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْأَمْرَ بِهِمَا جَمِيعًا وَلَكِنْ يَقْتَضِي أَنْ يُذْكَرَ تَارَةً بِهَذَا الْوَصْفِ وَتَارَةً بِهَذَا الْوَصْفِ؛ فَلَا يَقُولُ قَائِلٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْك الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَالصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَهَذَا هُوَ هَذَا. وَالْعَطْفُ بِالصِّفَاتِ يَكُونُ إذَا قُصِدَ بَيَانُ الصِّفَاتِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَدْحِ أَوْ الذَّمِّ؛ كَقَوْلِهِ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} لَا يُقَالُ: صَلِّ لِرَبِّك الْأَعْلَى وَلِرَبِّك الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ أَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ لَا يَفْتَرِقَانِ فَمَنْ صَدَّقَ بِاَللَّهِ فَقَدْ آمَنَ بِهِ وَمَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ فَقَدْ خَضَعَ لَهُ وَقَدْ أَسْلَمَ لَهُ؛ وَمَنْ صَامَ وَصَلَّى وَقَامَ بِفَرَائِضِ اللَّهِ وَانْتَهَى عَمَّا