للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْحَيَّ يُطْلَبُ مِنْهُ الدُّعَاءُ كَمَا يُطْلَبُ مِنْهُ سَائِرُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْمَخْلُوقُ الْغَائِبُ وَالْمَيِّتُ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ شَيْءٌ. يُحَقِّقُ هَذَا الْأَمْرَ أَنَّ التَّوَسُّلَ بِهِ وَالتَّوَجُّهَ بِهِ لَفْظٌ فِيهِ إجْمَالٌ وَاشْتِرَاكٌ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ فَمَعْنَاهُ فِي لُغَةِ الصَّحَابَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ فَيَكُونُونَ مُتَوَسِّلِينَ وَمُتَوَجِّهِينَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ؛ وَدُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَعْظَمِ الْوَسَائِلِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَأَمَّا فِي لُغَةِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فَمَعْنَاهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُقْسِمَ عَلَيْهِ بِذَاتِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يُقْسَمُ عَلَيْهِ بِشَيْءِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ بَلْ لَا يُقْسَمُ بِهَا بِحَالِ فَلَا يُقَالُ أَقْسَمْت عَلَيْك يَا رَبِّ بِمَلَائِكَتِك وَلَا بِكَعْبَتِك وَلَا بِعِبَادِك الصَّالِحِينَ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْسِمَ الرَّجُلُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَلْ إنَّمَا يُقْسِمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَلِهَذَا كَانَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ فَيَقُولَ {أَسْأَلُك بِأَنَّ لَك الْحَمْدَ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ وَأَسْأَلُك بِأَنَّك أَنْتَ اللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَأَسْأَلُك بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَك سَمَّيْت بِهِ نَفْسَك} . الْحَدِيثُ كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ. وَأَمَّا أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ وَيُقْسِمَ عَلَيْهِ بِمَخْلُوقَاتِهِ فَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ " اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِك وَبِاسْمِك الْأَعْظَمِ وَجَدِّك الْأَعْلَى وَبِكَلِمَاتِك التَّامَّاتِ ".