كَافِرٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَأَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ مِثْلَ هَذَا قَدْ يَكُونُ فِي الْبَاطِنِ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَافِرٌ فِي الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلًا مَعْلُومَ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الدِّينِ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ كَلِمَاتِ الْكُفَّارِ فِي الْقُرْآنِ وَحَكَمَ بِكُفْرِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ الْوَعِيدَ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ أَقْوَالُهُمْ الكفرية بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ الَّذِي يَغْلَطُ فِيهِ الْمُقِرُّ لَمْ يَجْعَلْهُمْ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ صِدْقًا وَقَدْ تَكُونُ كَذِبًا بَلْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ إلَّا بِشَرْطِ صِدْقِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. وَأَمَّا " الثَّانِي ": فَالْقَلْبُ إذَا كَانَ مُعْتَقِدًا صِدْقَ الرَّسُولِ وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَكَانَ مُحِبًّا لِرَسُولِ اللَّهِ مُعَظِّمًا لَهُ امْتَنَعَ مَعَ هَذَا أَنْ يَلْعَنَهُ وَيَسُبَّهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا مَعَ نَوْعٍ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ وَبِحُرْمَتِهِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مُجَرَّدَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ صَادِقٌ لَا يَكُونُ إيمَانًا إلَّا مَعَ مَحَبَّتِهِ وَتَعْظِيمِهِ بِالْقَلْبِ. وَ " أَيْضًا " فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} وَقَالَ: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} فَتَبَيَّنَ أَنَّ الطَّاغُوتَ يُؤْمَنُ بِهِ وَيُكْفَرُ بِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّصْدِيقِ بِوُجُودِهِ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الصِّفَاتِ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ؛ فَإِنَّ الْأَصْنَامَ وَالشَّيْطَانَ وَالسِّحْرَ يَشْتَرِكُ فِي الْعِلْمِ بِحَالِهِ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي السِّحْرِ: {حَتَّى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute