للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَكْفُرُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ لَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الْمُحَافَظَةِ لَا يَكْفُرُ فَإِذَا صَلَّاهَا بَعْدَ الْوَقْتِ لَمْ يَكْفُرْ؛ وَلِهَذَا جَاءَتْ فِي " {الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لَا مَا صَلَّوْا} وَكَذَلِكَ لَمَّا سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْله تَعَالَى {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} قَالَ هُوَ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا فَقِيلَ لَهُ: كُنَّا نَظُنُّ ذَلِكَ تَرْكَهَا فَقَالَ: لَوْ تَرَكُوهَا كَانُوا كُفَّارًا. وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِي " الِاسْمِ الْمُطْلَقِ " أُمُورٌ كَثِيرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تُخَصُّ بِالذِّكْرِ. وَقِيلَ لِمَنْ قَالَ: دُخُولُ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ فِي اسْمِ الْإِيمَانِ مَجَازٌ نِزَاعُك لَفْظِيٌّ؛ فَإِنَّك إذَا سَلَّمْت أَنَّ هَذِهِ لَوَازِمَ الْإِيمَانِ الْوَاجِبُ الَّذِي فِي الْقَلْبِ وَمُوجِبَاتِهِ كَانَ عَدَمُ اللَّازِمِ مُوجِبًا لِعَدَمِ الْمَلْزُومِ فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ هَذَا الظَّاهِرِ عَدَمُ الْبَاطِنِ فَإِذَا اعْتَرَفْت بِهَذَا كَانَ النِّزَاعُ لَفْظِيًّا وَإِنْ قُلْت: مَا هُوَ حَقِيقَةُ قَوْلِ جَهْمٍ وَأَتْبَاعِهِ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ الْإِيمَانُ التَّامُّ الْوَاجِبُ فِي الْقَلْبِ مَعَ إظْهَارِ مَا هُوَ كُفْرٌ وَتَرْكِ جَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ قِيلَ لَك: فَهَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَك إنَّ الظَّاهِرَ لَازِمٌ لَهُ وَمُوجِبٌ لَهُ بَلْ قِيلَ: حَقِيقَةُ قَوْلِك إنَّ الظَّاهِرَ يُقَارِنُ الْبَاطِنَ تَارَةً وَيُفَارِقُهُ أُخْرَى فَلَيْسَ بِلَازِمِ لَهُ وَلَا مُوجِبٍ وَمَعْلُولٍ لَهُ وَلَكِنَّهُ دَلِيلٌ إذَا وُجِدَ دَلَّ عَلَى وُجُودِ الْبَاطِنِ وَإِذْ عُدِمَ لَمْ يَدُلَّ عَدَمُهُ عَلَى الْعَدَمِ وَهَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِك.