للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأُمِرُوا بِالزَّكَاةِ؛ وَالْإِحْسَانِ فِي مَكَّةَ أَيْضًا؛ وَلَكِنَّ فَرَائِضَ الزَّكَاةِ وَنُصُبَهَا إنَّمَا شُرِعَتْ بِالْمَدِينَةِ. وَأَمَّا " صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ " فَهُوَ إنَّمَا فُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَأَدْرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ رمضانات. وَأَمَّا " الْحَجُّ " فَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي وُجُوبِهِ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ فُرِضَ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ قَالُوا: وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ وَوُجُوبِ الْعُمْرَةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِتْمَامِ يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِابْتِدَاءِ الْفِعْلِ وَإِتْمَامِهِ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: إنَّمَا وَجَبَ الْحَجُّ مُتَأَخِّرًا قِيلَ سَنَةَ تِسْعٍ؛ وَقِيلَ سَنَةَ عَشْرٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ فَإِنَّ آيَةَ الْإِيجَابِ إنَّمَا هِيَ قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي آلَ عِمْرَانَ فِي سِيَاقِ مُخَاطَبَتِهِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَصَدْرُ آلَ عِمْرَانَ وَمَا فِيهَا مِنْ مُخَاطَبَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ نَزَلَ لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ نَجْرَانَ النَّصَارَى وَنَاظَرُوهُ فِي أَمْرِ الْمَسِيحِ؛ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَدَّى الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ إنْزَالِ سُورَةِ بَرَاءَةٌ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا الْجِزْيَةَ وَأَمَرَ فِيهَا بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَغَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ الَّتِي غَزَا فِيهَا النَّصَارَى لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا