للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدْرًا مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ جَرَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ لِبَعْضِ مَنْ حُمِلَ هُوَ وَطَائِفَةٍ مَعَهُ مِنْ الإسكندرية إلَى عَرَفَةَ فَرَأَى مَلَائِكَةً تَنْزِلُ وَتَكْتُبُ أَسْمَاءَ الْحُجَّاجِ فَقَالَ: هَلْ كَتَبْتُمُونِي؟ قَالُوا أَنْتَ: لَمْ تَحُجّ كَمَا حَجَّ النَّاسُ أَنْتَ لَمْ تَتْعَبْ وَلَمْ تُحْرِمْ وَلَمْ يَحْصُلْ لَك مِنْ الْحَجِّ الَّذِي يُثَابُ النَّاسُ عَلَيْهِ مَا حَصَلَ لِلْحُجَّاجِ. وَكَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ قَدْ طَلَبَ مِنْهُ بَعْضُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَحُجَّ مَعَهُمْ فِي الْهَوَاءِ فَقَالَ لَهُمْ: هَذَا الْحَجُّ لَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ عَنْكُمْ لِأَنَّكُمْ لَمْ تَحُجُّوا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.

وَدِينُ الْإِسْلَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ وَعَلَى أَنْ يُعْبَدَ بِمَا شَرَعَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَانِ هُمَا حَقِيقَةُ قَوْلِنَا: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ". فَالْإِلَهُ هُوَ الَّذِي تَأْلَهُهُ الْقُلُوبُ عِبَادَةً وَاسْتِعَانَةً وَمَحَبَّةً وَتَعْظِيمًا وَخَوْفًا وَرَجَاءً وَإِجْلَالًا وَإِكْرَامًا. وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ حَقٌّ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَلَا يُعْبَدُ إلَّا اللَّهُ وَلَا يُدْعَى إلَّا اللَّهُ وَلَا يُخَافُ إلَّا اللَّهُ وَلَا يُطَاعُ إلَّا اللَّهُ. وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُبَلِّغُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَتَحْلِيلَهُ وَتَحْرِيمَهُ فَالْحَلَالُ مَا حَلَّلَهُ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ؛ وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي تَبْلِيغِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَتَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ؛ وَسَائِرِ مَا بَلَّغَهُ مِنْ كَلَامِهِ. وَأَمَّا فِي إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَكَشْفِ الْبَلَاءِ وَالْهِدَايَةِ وَالْإِغْنَاءِ فَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ كَلَامَهُمْ وَيَرَى مَكَانَهُمْ وَيَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ؛ وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى