للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ} وَفِي حَدِيثٍ فِي الْمُسْنَدِ قَالَ: {الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ} . فَأَصْلُ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَلْبِ وَعَمَلُهُ وَهُوَ إقْرَارٌ بِالتَّصْدِيقِ وَالْحُبِّ وَالِانْقِيَادِ وَمَا كَانَ فِي الْقَلْبِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ مُوجِبُهُ وَمُقْتَضَاهُ عَلَى الْجَوَارِحِ وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِمُوجِبِهِ وَمُقْتَضَاهُ دَلَّ عَلَى عَدَمِهِ أَوْ ضَعْفِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ الْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ مِنْ مُوجِبِ إيمَانِ الْقَلْبِ وَمُقْتَضَاهُ وَهِيَ تَصْدِيقٌ لِمَا فِي الْقَلْبِ وَدَلِيلٌ عَلَيْهِ وَشَاهِدٌ لَهُ وَهِيَ شُعْبَةٌ مِنْ مَجْمُوعِ الْإِيمَانِ الْمُطْلَقِ وَبَعْضٌ لَهُ؛ لَكِنَّ مَا فِي الْقَلْبِ هُوَ الْأَصْلُ لِمَا عَلَى الْجَوَارِحِ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ الْقَلْبَ مَلِكٌ وَالْأَعْضَاءَ جُنُودُهُ فَإِنْ طَابَ الْمَلِكُ طَابَتْ جُنُودُهُ وَإِذَا خَبُثَ الْمَلِكُ خَبُثَتْ جُنُودُهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ} . وَلِهَذَا ظَنَّ طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ أَنَّ الْإِيمَانَ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَلْبِ خَاصَّةً وَمَا عَلَى الْجَوَارِحِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي مُسَمَّاهُ وَلَكِنْ هُوَ مِنْ ثَمَرَاتِهِ وَنَتَائِجِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ حَتَّى آلَ الْأَمْرُ بِغُلَاتِهِمْ - كَجَهْمِ وَأَتْبَاعِهِ - إلَى أَنْ قَالُوا: يُمْكِنُ أَنْ يُصَدِّقَ بِقَلْبِهِ وَلَا يُظْهِرَ بِلِسَانِهِ إلَّا كَلِمَةَ الْكُفْرِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى إظْهَارِهَا فَيَكُونُ الَّذِي فِي الْقَلْبِ إيمَانًا نَافِعًا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَقَالُوا: حَيْثُ حَكَمَ الشَّارِعُ بِكُفْرِ أَحَدٍ بِعَمَلِ أَوْ قَوْلٍ: فَلِكَوْنِهِ دَلِيلًا عَلَى انْتِفَاءِ مَا فِي الْقَلْبِ وَقَوْلُهُمْ مُتَنَاقِضٌ؛ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا مُسْتَلْزِمًا لِانْتِفَاءِ الْإِيمَانِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْإِيمَانُ ثَابِتًا فِي