للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا إنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ} . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى صَلَاتِهِ فَلَا يَبْصُقَن قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ} وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنْ الْعَرْشِ وَعَنْ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى شَيْءٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ بَلْ هُوَ الْحَامِلُ بِقُدْرَتِهِ الْعَرْشَ وَحَمَلَةَ الْعَرْشِ. وَقَدْ جَعَلَ تَعَالَى الْعَالَمَ طَبَقَاتٍ وَلَمْ يَجْعَلْ أَعْلَاهُ مُفْتَقِرًا إلَى أَسْفَلِهِ فَالسَّمَاءُ لَا تَفْتَقِرُ إلَى الْهَوَاءِ وَالْهَوَاءُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْأَرْضِ فَالْعَلِيُّ الْأَعْلَى رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الَّذِي وَصَفَ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أَجَلُّ وَأَعْظَمُ وَأَغْنَى وَأَعْلَى مِنْ أَنْ يَفْتَقِرَ إلَى شَيْءٍ بِحَمْلِ أَوْ غَيْرِ حَمْلٍ بَلْ هُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ الَّذِي كُلُّ مَا سِوَاهُ مُفْتَقِرٌ إلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ قَدْ بُيِّنَ فِيهِ التَّوْحِيدُ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ قَوْلًا وَعَمَلًا فَالتَّوْحِيدُ الْقَوْلِيُّ مِثْلُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَالتَّوْحِيدُ الْعَمَلِيُّ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ