وَعِنْدَ هَذَا فَالْقَوْلُ الْوَسَطُ الَّذِي هُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهُمْ لَا يَسْلُبُونَ الِاسْمَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا يُعْطُونَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. فَنَقُولُ: هُوَ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الْإِيمَانِ أَوْ مُؤْمِنٌ عَاصٍ أَوْ مُؤْمِنٌ بِإِيمَانِهِ فَاسِقٌ بِكَبِيرَتِهِ وَيُقَالُ: لَيْسَ بِمُؤْمِنِ حَقًّا أَوْ لَيْسَ بِصَادِقِ الْإِيمَانِ. وَكُلُّ كَلَامٍ أُطْلِقَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ. وَالْأَحْكَامُ مِنْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ فَقَطْ؛ كَجَوَازِ الْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَةِ وَكَالْمُوَالَاةِ والموارثة وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ: كَاسْتِحْقَاقِ الْحَمْدِ وَالثَّوَابِ وَغُفْرَانِ السَّيِّئَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. إذَا عَرَفْت " هَذِهِ الْقَاعِدَةَ ". فَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ فِيهَا حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ} وَالزِّيَادَةُ الَّتِي رَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِي صَحِيحَةٌ وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ. فَقَوْلُ السَّائِلِ: هَلْ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ؟ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ؛ فَإِنْ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الزَّانِيَ يَصِيرُ كَافِرًا وَأَنَّهُ يُسْلَبُ الْإِيمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَمْ يَحْمِلْ الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَلَا هُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ لِأَنَّ قَوْلَهُ {خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَكَانَ فَوْقَ رَأْسِهِ كَالظُّلَّةِ} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute