للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَمَامِ الْحَدِيثِ. {فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا. فَمِنْ الْكِبْرِ ذَاكَ؟ فَقَالَ: لَا إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ} وَبَطَرُ الْحَقِّ جَحْدُهُ وَدَفْعُهُ وَغَمْطُ النَّاسِ ازْدِرَاؤُهُمْ وَاحْتِقَارُهُمْ فَمَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ هَذَا يُوجِبُ لَهُ أَنْ يَجْحَدَ الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ بِهِ وَأَنْ يَحْتَقِرَ النَّاسَ فَيَكُونُ ظَالِمًا لَهُمْ مُعْتَدِيًا عَلَيْهِمْ فَمَنْ كَانَ مُضَيِّعًا لِلْحَقِّ الْوَاجِبِ؛ ظَالِمًا لِلْخَلْقِ. لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا مُسْتَحِقًّا لَهَا؛ بَلْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ. فَقَوْلُهُ: {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ} مُتَضَمِّنٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا مُسْتَحِقًّا لَهَا لَكِنْ إنْ تَابَ أَوْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ مَاحِيَةٌ لِذَنْبِهِ أَوْ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِمَصَائِبَ كَفَّرَ بِهَا خَطَايَاهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ زَالَ ثَمَرَةُ هَذَا الْكِبْرِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ الْجَنَّةِ؛ فَيَدْخُلُهَا أَوْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْكِبْرِ مِنْ نَفْسِهِ؛ فَلَا يَدْخُلُهَا وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْكِبْرِ وَلِهَذَا قَالَ: مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الدُّخُولُ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَا يَكُونُ مَعَهُ عَذَابٌ؛ لَا الدُّخُولُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي يَحْصُلُ لِمَنْ دَخَلَ النَّارَ ثُمَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ؛ فَإِنَّهُ إذَا أُطْلِقَ فِي الْحَدِيثِ فُلَانٌ فِي الْجَنَّةِ أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ الْمَفْهُومُ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ. فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا يَدْخُلُهَا بِلَا عَذَابٍ بَلْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذَابِ لِكِبْرِهِ كَمَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَلَكِنْ قَدْ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ