للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَيْئًا فِي الْخَارِجِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {إنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وَلَفْظُ الشَّيْءِ فِي الْآيَةِ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا. فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مَا وُجِدَ وَكُلُّ مَا تَصَوَّرَهُ الذِّهْنُ مَوْجُودًا إنْ تُصُوِّرَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا قَدِيرٌ؛ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} وَقَالَ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَعُوذُ بِوَجْهِك فَلَمَّا نَزَلَ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} الْآيَةَ قَالَ: هَاتَانِ أَهْوَنُ} فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الأولتين وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُمَا وَقَالَ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَقَادِرُونَ عَلَى أَنْ نَذْهَبَ بِهِ حَتَّى تَمُوتُوا عَطَشًا وَتَهْلَكَ مَوَاشِيكُمْ وَتَخْرَبَ أَرَاضِيكُمْ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} إلَى قَوْلِهِ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَا لَا يَفْعَلُهُ. فَإِنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ جَعَلَ الْمَاءَ أُجَاجًا وَهُوَ لَمْ يَفْعَلْهُ وَمِثْلُ هَذَا: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} . {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ} . {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} . فَإِنَّهُ أَخْبَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَفَعَلَ أَشْيَاءَ وَهُوَ لَمْ يَفْعَلْهَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهَا لَكَانَ إذَا شَاءَهَا لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُهَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ