يَشَاؤُهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُقُهُ عِنْدَهُمْ وَإِذَا لَمْ يَخْلُقْهُ لَمْ يَشَأْهُ فَإِنَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَخْلُقَهُ خَلَقَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَالْقَدَرِيَّةُ لَا تُنَازِعُ فِي هَذَا لَا يُنَازِعُونَ فِي أَنَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَفْعَلَهُ هُوَ فَعَلَهُ وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ أَنْ يَفْعَلَهُ لَكِنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَا تَدْخُلُ فِي خَلْقِهِ وَلَا فِي قُدْرَتِهِ وَلَا فِي مَشِيئَتِهِ وَلَا فِي مَشِيئَتِهِ أَنْ يَفْعَلَ لَكِنَّ الْمَشِيئَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهَا بِمَعْنَى الْأَمْرِ فَقَطْ فَيَقُولُونَ: خَلَقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ أَنْ يَفْعَلُوهَا هُمْ وَقَدْ أَمَرَهُمْ بِهَا فَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوهَا كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ عِصْيَانِ أَمْرِهِ. وَأَمَّا الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ فَيَقُولُونَ: إنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَإِذَا خَلَقَهُمْ لِلْعِبَادَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَلَمْ يَفْعَلُوهَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ إذْ لَوْ شَاءَ أَنْ تَكُونَ لِكَوْنِهَا لَكِنْ أَمَرَهُمْ بِهَا وَأَحَبَّ أَنْ يَفْعَلُوهَا وَرَضِيَ أَنْ يَفْعَلُوهَا وَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلُوهَا إرَادَةً شَرْعِيَّةً تَضَمَّنَهَا أَمْرُهُ بِالْعِبَادَةِ. وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ مَعْنَى الْآيَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} يُشْبِهُ قَوْلَهُ: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} وَقَوْلَهُ: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} وَقَوْلَهُ: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} وَقَوْلَهُ: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute