للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا تَقُولُ السَّادَةُ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ؟ فِي جَمَاعَةٍ اخْتَلَفُوا فِي قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ: خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ الْخَيْرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّرَّ مِنْ النَّفْسِ خَاصَّةً؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.

فَأَجَابَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ (*) لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَلَا خَالِقَ سِوَاهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ مَنْهِيٌّ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَمَعْصِيَةِ رَسُولِهِ؛ فَإِنْ أَطَاعَ كَانَ ذَلِكَ نِعْمَةً وَإِنْ عَصَى كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ وَكَانَ لِلَّهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ وَلَا حُجَّةَ لِأَحَدِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكُلُّ ذَلِكَ كَائِنٌ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ لَكِنْ يُحِبُّ الطَّاعَةَ وَيَأْمُرُ بِهَا وَيُثِيبُ أَهْلَهَا عَلَى فِعْلِهَا وَيُكْرِمُهُمْ وَيُبْغِضُ الْمَعْصِيَةَ وَيَنْهَى عَنْهَا وَيُعَاقِبُ أَهْلَهَا وَيُهِينُهُمْ. وَمَا يُصِيبُ الْعَبْدَ مِنْ النِّعَمِ فَاَللَّهُ أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ وَمَا يُصِيبُهُ مِنْ الشَّرِّ فَبِذُنُوبِهِ


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٦٩):
قد كررت هذه الفتوى نفسها في (٨/ ٢٤٢ - ٢٤٣)، إلا أن نسخة تلك غير هذه، وأول الفتوى هناك: (سئل أبو العباس ابن تيمية عن الخير والشر؛ والقدر الكوني؛ والأمر والنهي الشرعي. فأجاب: الحمد لله، اعلم أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه. . .).
وبالمقارنة بين الموضعين تظهر الفروق اليسيرة، وأهمها ثلاثة فروق:
١ - ص ٦٣ (فإن أطاع كان ذلك نعمة [من الله أنعم بها عليه، وكان له الأجر والثواب بفضل الله ورحمته] وإن عصى كان مستحقاً للذم والعقاب)، وما بين المعقوفتين ساقط من هذا الموضع، وهو في الموضع الآخر (ص ٢٤٢).
٢ - ص ٦٤ (وما أصابك من حزن وذل وشر فبذنوبك وخطاياك)، وفي ص ٢٤٢ (وما أصابك من جدب) بدلًا من (حزن) وهو الأظهر، لأنه في مقابل الخصب في قوله قبل هذا (ما أصابك من خصب ونصر وهدى فالله أنعم به عليك).
٣ - ص ٦٤ (وأن يوقن العبد بشرع الله وأمره)، وفي ص ٢٤٣ (وأن يؤمن العبد بشرع الله وأمره) وهما متقاربان إلا أن الثاني هو الأظهر، والله أعلم.