للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِأَنَّ الْخَلْقَ لَا يُوجِبُونَ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا. أَوْ يُحَرِّمُونَ عَلَيْهِ شَيْئًا بَلْ هُمْ أَعْجَزُ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَكُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ {إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ} . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُك وَأَنَا عَلَى عَهْدِك وَوَعْدِك مَا اسْتَطَعْت أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْت أَبُوءُ لَك بِنِعْمَتِك عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ مَنْ قَالَهَا إذَا أَصْبَحَ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ} . فَقَوْلُهُ أَبُوءُ لَك بِنِعْمَتِك عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي اعْتِرَافٌ بِإِنْعَامِ الرَّبِّ وَذَنْبِ الْعَبْدِ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إنِّي أُصْبِحُ بَيْنَ نِعْمَةٍ تَنْزِلُ مِنْ اللَّهِ عَلَيَّ وَبَيْنَ ذَنْبٍ يَصْعَدُ مِنِّي إلَى اللَّهِ فَأُرِيدُ أَنْ أُحْدِثَ لِلنِّعْمَةِ شُكْرًا وَلِلذَّنْبِ اسْتِغْفَارًا. فَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ نَاظِرًا إلَى الْقَدَرِ فَقَدْ ضَلَّ وَمَنْ طَلَبَ الْقِيَامَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُعْرِضًا عَنْ الْقَدَرِ فَقَدْ ضَلَّ؛ بَلْ الْمُؤْمِنُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فَنَعْبُدُهُ اتِّبَاعًا لِلْأَمْرِ وَنَسْتَعِينُهُ إيمَانًا بِالْقَدَرِ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلَا تَعْجِزَنَّ وَإِنْ أَصَابَك شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْت لَكَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ} .