للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ} . قَالَ يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْقُدُّوسُ أَنَا السَّلَامُ أَنَا الْمُؤْمِنُ أَنَا الْمُهَيْمِنُ أَنَا الَّذِي بَدَأْت الدُّنْيَا وَلَمْ تَكُ شَيْئًا أَنَا الَّذِي أُعِيدُهَا} وَفِي رِوَايَةٍ {يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ} فَهُوَ يَحْمَدُ نَفْسَهُ وَيُثْنِي عَلَيْهَا وَيُمَجِّدُ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهُوَ الْغَنِيُّ بِنَفْسِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ بَلْ كُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إلَيْهِ {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} وَهُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. فَإِذَا فَرِحَ بِتَوْبَةِ التَّائِبِ وَأَحَبَّ مَنْ تَقَرَّبَ إلَيْهِ بِالنَّوَافِلِ وَرَضِيَ عَنْ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُفْتَقِرٌ فِي ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ وَلَا مُسْتَكْمَلٌ بِسِوَاهُ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي خَلَقَ هَؤُلَاءِ وَهُوَ الَّذِي هَدَاهُمْ وَأَعَانَهُمْ حَتَّى فَعَلُوا مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَيَفْرَحُ بِهِ. فَهَذِهِ الْمَحْبُوبَاتُ لَمْ تَحْصُلْ إلَّا بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَخَلْقِهِ فَلَهُ الْمُلْكُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. فَهَذَا وَنَحْوُهُ يَحْتَجُّ بِهِ الْجُمْهُورُ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ لِأَفْعَالِهِ حِكْمَةً تَتَعَلَّقُ بِهِ يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا وَيَفْعَلُ لِأَجْلِهَا.