اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْحَسَنَةَ مِنْ اللَّهِ يُنْعِمُ بِهَا عَلَيْهِمْ وَأَنَّ السَّيِّئَةَ إنَّمَا تُصِيبُهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ مُسْتَغْفِرًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ يَمْحُو الذَّنْبَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْعَذَابِ فَيَنْدَفِعُ الْعَذَابُ كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ أَكْثَرَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا اللَّهَ إنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} . فَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ وَحَّدَهُ وَاسْتَغْفَرَهُ مَتَّعَهُ مَتَاعًا حَسَنًا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَمَنْ عَمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ خَيْرًا زَادَهُ مِنْ فَضْلِهِ وَفِي الْحَدِيثِ: {يَقُولُ الشَّيْطَانُ: أَهْلَكْتُ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ وَأَهْلَكُونِي بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَالِاسْتِغْفَارِ. فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ بَثَثْتُ فِيهِمْ الْأَهْوَاءَ فَهُمْ يُذْنِبُونَ وَلَا يَتُوبُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} {فَلَوْلَا إذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} أَيْ فَهَلَّا إذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا فَحَقُّهُمْ عِنْدَ مَجِيءِ الْبَأْسِ التَّضَرُّعُ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا نَزَلَ بَلَاءٌ إلَّا بِذَنْبِ وَلَا رُفِعَ إلَّا بِتَوْبَةِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute