أَحَدُهَا: مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِرَادَتَانِ وَهُوَ مَا وَقَعَ فِي الْوُجُودِ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَهُ إرَادَةَ دِينٍ وَشَرْعٍ؛ فَأَمَرَ بِهِ وَأَحَبَّهُ وَرَضِيَهُ وَأَرَادَهُ إرَادَةَ كَوْنٍ فَوَقَعَ؛ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ. والثَّانِي: مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِرَادَةُ الدِّينِيَّةُ فَقَطْ. وَهُوَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَعَصَى ذَلِكَ الْأَمْرَ الْكُفَّارُ وَالْفُجَّارُ فَتِلْكَ كُلُّهَا إرَادَةُ دِينٍ وَهُوَ يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا لَوْ وَقَعَتْ وَلَوْ لَمْ تَقَعْ. والثَّالِثُ: مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِرَادَةُ الْكَوْنِيَّةُ فَقَطْ وَهُوَ مَا قَدَّرَهُ وَشَاءَهُ مِنْ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَمْ يَأْمُرْ بِهَا: كَالْمُبَاحَاتِ وَالْمَعَاصِي فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا وَلَمْ يَرْضَهَا وَلَمْ يُحِبَّهَا إذْ هُوَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَلَوْلَا مَشِيئَتُهُ وَقُدْرَتُهُ وَخَلْقُهُ لَهَا لَمَا كَانَتْ وَلَمَا وُجِدَتْ فَإِنَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. والرَّابِعُ: مَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ هَذِهِ الْإِرَادَةُ وَلَا هَذِهِ فَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحَاتِ وَالْمَعَاصِي وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمُقْتَضَى اللَّامِ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} هَذِهِ الْإِرَادَةُ الدِّينِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ وَهَذِهِ قَدْ يَقَعُ مُرَادُهَا وَقَدْ لَا يَقَعُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَايَةَ الَّتِي يُحِبُّ لَهُمْ وَيَرْضَى لَهُمْ وَاَلَّتِي أُمِرُوا بِفِعْلِهَا هِيَ الْعِبَادَةُ فَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي خَلَقَ الْعِبَادَ لَهُ: أَيْ هُوَ الَّذِي يُحَصِّلُ كَمَالَهُمْ وَصَلَاحَهُمْ الَّذِي بِهِ يَكُونُونَ مَرْضِيِّينَ مَحْبُوبِينَ فَمَنْ لَمْ تَحْصُلْ مِنْهُ هَذِهِ الْغَايَةُ كَانَ عَادِمًا لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى وَيُرَادُ لَهُ الْإِرَادَةُ الدِّينِيَّةُ الَّتِي فِيهَا سَعَادَتُهُ وَنَجَاتُهُ وَعَادِمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute