للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} بِأَنَّ اللَّهَ شَرَعَ الشِّرْكَ وَتَحْرِيمَ مَا حَرَّمْتُمُوهُ. {إنْ تَتَّبِعُونَ} فِي هَذَا {إلَّا الظَّنَّ} وَهُوَ تَوَهُّمُكُمْ أَنَّ كُلَّ مَا قَدَّرَهُ فَقَدْ شَرَعَهُ {وَإِنْ أَنْتُمْ إلَّا تَخْرُصُونَ} أَيْ تُكَذِّبُونَ وَتَفْتَرُونَ بِإِبْطَالِ شَرِيعَتِهِ {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} عَلَى خَلْقِهِ حِينَ أَرْسَلَ الرُّسُلَ إلَيْهِمْ فَدَعَوْهُمْ إلَى تَوْحِيدِهِ وَشَرِيعَتِهِ وَمَعَ هَذَا فَلَوْ شَاءَ هَدَى الْخَلْقَ أَجْمَعِينَ إلَى مُتَابَعَةِ شَرِيعَتِهِ لَكِنَّهُ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فَيَهْدِيَهُ فَضْلًا مِنْهُ وَإِحْسَانًا وَيَحْرِمُ مَنْ يَشَاءُ لِأَنَّ الْمُتَفَضِّلَ لَهُ أَنْ يَتَفَضَّلَ وَلَهُ أَنْ لَا يَتَفَضَّلَ فَتَرْكُ تَفَضُّلِهِ عَلَى مَنْ حَرَمَهُ عَدْلٌ مِنْهُ وَقِسْطٌ. وَلَهُ فِي ذَلِكَ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ. وَهُوَ يُعَاقِبُ الْخَلْقَ عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ وَإِرَادَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِرَادَتِهِ الْقَدَرِيَّةِ فَإِنَّ الْقَدَرَ كَمَا جَرَى بِالْمَعْصِيَةِ جَرَى أَيْضًا بِعِقَابِهَا كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ يُقَدِّرُ عَلَى الْعَبْدِ أَمْرَاضًا تُعْقِبُهُ آلَامًا فَالْمَرَضُ بِقَدَرِهِ وَالْأَلَمُ بِقَدَرِهِ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: قَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِرَادَةُ بِالذَّنْبِ فَلَا أُعَاقَبُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْمَرِيضِ قَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِرَادَةُ بِالْمَرَضِ فَلَا أَتَأَلَّمُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِرَادَةُ بِأَكْلِ الْحَارِّ فَلَا يُحَمُّ مِزَاجِي أَوْ قَدْ تَقَدَّمَتْ بِالضَّرْبِ فَلَا يَتَأَلَّمُ الْمَضْرُوبُ وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ جَهْلٌ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ صَاحِبَهُ؛ بَلْ اعْتِلَالُهُ بِالْقَدَرِ ذَنْبٌ ثَانٍ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَإِنَّمَا اعْتَلَّ بِالْقَدَرِ إبْلِيسُ حَيْثُ قَالَ: {بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} وَأَمَّا آدَمَ فَقَالَ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} . فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ أَلْهَمَهُ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ نَحْوَهُ -