وَهُمْ الْأَشْقِيَاءُ. لَكِنَّهُمْ يَتَقَارَبُونَ فِي هَذَا مَا بَيْنَ كَافِرٍ وَفَاسِقٍ، وَعَاصٍ لَيْسَ بِكَافِرِ وَلَا فَاسِقٍ.
وَالْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقُهُ وَمَلِيكُهُ. لَا رَبَّ غَيْرُهُ؛ وَلَا خَالِقَ سِوَاهُ، وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ؛ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ؛ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِهِ؛ وَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إلَّا إلَيْهِ؛ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فَجَمِيعُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: مِنْ الْأَعْيَانِ وَصِفَاتِهَا؛ وَحَرَكَاتِهَا؛ فَهِيَ مَخْلُوقَةٌ لَهُ؛ مَقْدُورَةٌ لَهُ؛ مُصَرَّفَةٌ بِمَشِيئَتِهِ، لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهَا عَنْ قُدْرَتِهِ وَمُلْكِهِ؛ وَلَا يُشْرِكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُهُ؛ بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ؛ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَالْعَبْدُ فَقِيرٌ إلَى اللَّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ؛ فَمَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ؛ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ. فَإِذَا ثَبَتَتْ هَاتَانِ " الْمُقَدِّمَتَانِ ". فَنَقُولُ: إذَا أُلْهِمَ الْعَبْدُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الْهِدَايَةَ وَيَسْتَعِينَهُ عَلَى طَاعَتِهِ، أَعَانَهُ وَهَدَاهُ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ سَعَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِذَا خُذِلَ الْعَبْدُ فَلَمْ يَعْبُدْ اللَّهَ؛ وَلَمْ يَسْتَعِنْ بِهِ، وَلَمْ يَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ، وُكِلَ إلَى حَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ. فَيُوَلِّيهِ الشَّيْطَانَ، وَصُدَّ عَنْ السَّبِيلِ، وَشَقِيَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكُلُّ مَا يَكُونُ فِي الْوُجُودِ هُوَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ؛ لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ عَنْ الْقَدَرِ الْمَقْدُورِ، وَلَا يَتَجَاوَزُ مَا خُطَّ لَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِ عَلَى اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute