للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} . وَبَعْضُ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ الطَّاعَاتُ وَالْمَعَاصِي؛ فَيَتَنَازَعُونَ هَذَا يَقُولُ: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَهَذَا يَقُولُ الْحَسَنَةُ مِنْ اللَّهِ، وَالسَّيِّئَةُ مِنْ نَفْسِكَ، وَكِلَاهُمَا أَخْطَأَ فِي فَهْمِ الْآيَةِ؛ فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، النِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ. كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أَيْ امْتَحَنَّاهُمْ وَاخْتَبَرْنَاهُمْ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. وَمَعْنَى الْآيَةِ فِي الْمُنَافِقِينَ: كَانُوا إذَا أَصَابَتْهُمْ حَسَنَةٌ مِثْلُ النَّصْرِ وَالرِّزْقِ وَالْعَافِيَةِ. قَالُوا: هَذَا مِنْ اللَّهِ، وَإِذَا أَصَابَتْهُمْ سَيِّئَةٌ - مِثْلُ ضَرْبٍ وَمَرَضٍ وَخَوْفٍ مِنْ الْعَدُوِّ - قَالُوا: هَذَا مِنْ عِنْدِكَ يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ الَّذِي جِئْتَ بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي عَادَانَا لِأَجْلِهِ النَّاسُ، وَابْتُلِينَا لِأَجْلِهِ بِهَذِهِ الْمَصَائِبِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} أَنْتَ إنَّمَا أَمَرْتَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَهُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ نِعْمَةٍ: نَصْرٍ وَعَافِيَةٍ وَرِزْقٍ فَمِنْ اللَّهِ، نِعْمَةً أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكَ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ: فَقْرٍ وَذُلٍّ وَخَوْفٍ وَمَرَضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمِنْ نَفْسِكَ وَذُنُوبِكَ وَخَطَايَاكَ. كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ