عَلَى الْقَدَرِ السَّابِقِ، وَتَرَكَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْأَعْمَالِ هُوَ مِنْ الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَانَ تَرْكُهُمْ لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَمَلِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقْدُورِ الَّذِي يسروا بِهِ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَإِنَّ أَهْلَ السَّعَادَةِ هُمْ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ الْمَأْمُورَ وَيَتْرُكُونَ الْمَحْظُورَ فَمَنْ تَرَكَ الْعَمَلَ الْوَاجِبَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ وَفَعَلَ الْمَحْظُورَ مُتَّكِلًا عَلَى الْقَدَرِ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ الْمُيَسَّرِينَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ. وَهَذَا الْجَوَابُ الَّذِي أَجَابَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَايَةِ السَّدَادِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا أَجَابَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ {أَنَّهُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْت أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا؟ وَرُقًى نسترقي بِهَا؟ وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ} . وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - هُوَ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ يَكْتُبُهَا فَإِذَا كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تَكُونُ بِأَسْبَابِ مِنْ عَمَلٍ وَغَيْرِهِ وَقَضَى أَنَّهَا تَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدَّرَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ تَكُونُ بِدُونِ الْأَسْبَابِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ أَسْبَابًا وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْحَوَادِثِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا عَلِمَ اللَّهُ وَكَتَبَ أَنَّهُ سَيُولَدُ لِهَذَيْنِ وَلَدٌ وَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ مُعَلَّقًا بِاجْتِمَاعِ الْأَبَوَيْنِ عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْزَالِ الْمَاءِ الْمَهِينِ الَّذِي يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْوَلَدُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الْوَلَدِ بِدُونِ السَّبَبِ الَّذِي عُلِّقَ بِهِ وُجُودُ الْوَلَدِ وَالْأَسْبَابُ وَإِنْ كَانَتْ " نَوْعَيْنِ " مُعْتَادَةٌ وَغَرِيبَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute