أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَفْعَالَ الْعِبَادِ وَإِرَادَةَ الْكَائِنَاتِ وَتُعَارِضُهُمْ الْقَدَرِيَّةُ الْمُجْبِرَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ وَلَا إرَادَةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَلَا هُوَ فَاعِلٌ حَقِيقَةً وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مُبْتَدِعَةٌ ضُلَّالٌ. وَشَرٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَجْعَلُ خَلْقَ الْأَفْعَالِ وَإِرَادَةَ اللَّهِ الْكَائِنَاتِ مَانِعَةً مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} فَهَؤُلَاءِ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَضْمُونُ قَوْلِهِمْ: تَعْطِيلُ جَمِيعِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. ثُمَّ قَوْلُهُمْ مُتَنَاقِضٌ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْيَى مَعَهُ بَنُو آدَمَ لِاسْتِلْزَامِهِ فَسَادَ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعِبَادِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ كَانَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَهْوَاهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} فَإِذَا قِيلَ: إنَّهُ يُمَكِّنُ كُلَّ أَحَدٍ مِمَّا يَهْوَاهُ مِنْ قَتْلِ النُّفُوسِ، وَفِعْلِ الْفَوَاحِشِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ غَايَةَ الْفَسَادِ وَلِهَذَا لَا تَعِيشُ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي آدَمَ إلَّا بِنَوْعِ مِنْ الشَّرِيعَةِ الَّتِي فِيهَا أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَلَوْ كَانَتْ بِوَضْعِ بَعْضِ الْمُلُوكِ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ فَسَادٍ مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ يُبَيِّنُ أَنَّ تَقَدُّمَ عِلْمِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ بِالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ لَا يَمْنَعُ تَوَقُّفَ ذَلِكَ عَلَى الْأَعْمَالِ وَالْأَسْبَابِ الَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute