وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ إنَّ الْفِعْلَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا خَلَقَ فِيهِ فِعْلًا فَعَلَهُ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ إلَّا قُدْرَةٌ وَاحِدَةٌ يَقْدِرُ بِهَا عَلَى الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ وَأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ فِي حَالِ الْفِعْلِ عَنْ مَعُونَةٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى يَفْعَلُ بِهَا وَسَوَّى بَيْنَ نِعْمَتِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ فَهُوَ مُبْطِلٌ وَهُمْ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ حَادَ مِنْهُمْ فِي الْأَيَّامِ الْمَشْهُورَةِ حَيْثُ كَانَ قَوْلُهُمْ إنَّ الْعَبْدَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى حَالَ الْفِعْلِ بِالْبِرِّ عَمَّا وَجَدَ قَبْلَ الْفِعْلِ (١) وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى نِعْمَةٌ أَنْعَمَ بِهَا عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَطَاعَهُ أَكْبَرُ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ وَعَصَاهُ فَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ قَطْعًا وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى تَضْلِيلِ صَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ. ثُمَّ النِّزَاعُ بَيْنَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ كَثِيرٌ مِنْهُ لَفْظِيٌّ وَمِنْهُ مَا هُوَ اعْتِبَارِيٌّ كَتَنَازُعِهِمْ فِي أَنَّ الْعَرَضَ هَلْ يَبْقَى أَمْ لَا يَبْقَى وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ بَقَاءَ الِاسْتِطَاعَةِ وَلَكِنَّ أَحْسَنَ الْأَلْفَاظِ وَالِاعْتِبَارَاتِ مَا يُطَابِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَاتِّفَاقَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، وَالْوَاجِبُ أَنْ يَجْعَلَ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هِيَ الْأَصْلَ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَيَسُوغُ إطْلَاقُهُ وَيَجْعَلَ الْأَلْفَاظَ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا النَّاسُ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا مَوْقُوفَةً عَلَى الِاسْتِفْسَارِ وَالتَّفْصِيلِ وَيَمْنَعَ
(١) كذا بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute