للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُرِنَ بِهِ النَّعِيمُ، وَالشِّرْكَ قُرِنَ بِهِ الْعَذَابُ وَهُوَ الْفَرْقُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدَهُمْ يَرْجِعُ إلَى عِلْمِ اللَّهِ بِمَا سَيَكُونُ وَإِخْبَارِهِ بَلْ هَؤُلَاءِ لَا يَرْجِعُ الْفَرْقُ عِنْدَهُمْ إلَى مَحَبَّةٍ مِنْهُ لِهَذَا وَبُغْضٍ لِهَذَا. وَهَؤُلَاءِ يُوَافِقُونَ الْمُشْرِكِينَ فِي بَعْضِ قَوْلِهِمْ لَا فِي كُلِّهِ كَمَا أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ مِنْ الْأُمَّةِ - الَّذِينَ هُمْ مَجُوسُ الْأُمَّةِ - يُوَافِقُونَ الْمَجُوسَ الْمَحْضَةَ فِي بَعْضِ قَوْلِهِمْ لَا فِي كُلِّهِ وَإِلَّا فَالرَّسُولُ قَدْ دَعَاهُمْ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَإِلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ دُونَ مَا سِوَاهُ وَإِلَى أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَالْمَحَبَّةُ تَتْبَعُ الْحَقِيقَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحْبُوبُ فِي نَفْسِهِ مُسْتَحِقًّا أَنْ يُحَبَّ لَمْ يَجُزْ الْأَمْرُ بِمَحَبَّتِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إلَيْنَا مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ. وَإِذَا قِيلَ " مَحَبَّتُهُ " مَحَبَّةُ عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ قِيلَ مَحَبَّةُ الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ فَرْعٌ عَلَى مَحَبَّةِ الْمَعْبُودِ الْمُطَاعِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُحَبَّ فِي نَفْسِهِ لَمْ تُحَبَّ عِبَادَتُهُ وَطَاعَتُهُ وَلِهَذَا كَانَ النَّاسُ يُبْغِضُونَ طَاعَةَ الشَّخْصِ الَّذِي يُبْغِضُونَهُ وَلَا يُمْكِنُهُمْ مَعَ بُغْضِهِ مَحَبَّةُ طَاعَتِهِ إلَّا لِغَرَضِ آخَرَ مَحْبُوبٍ مِثْلَ عِوَضٍ يُعْطِيهِمْ عَلَى طَاعَتِهِ فَيَكُونُ الْمَحْبُوبُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ ذَلِكَ الْعِوَضُ فَلَا يَكُونُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِمَّا سِوَاهُمَا إلَّا بِمَعْنَى أَنَّ الْعِوَضَ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ أَحَبُّ إلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَمَحَبَّةُ ذَلِكَ الْعِوَضِ مَشْرُوطٌ بِالشُّعُورِ بِهِ فَمَا لَا يُشْعَرُ بِهِ تَمْتَنِعُ مَحَبَّتُهُ. فَإِذَا قِيلَ: هُمْ قَدْ وُعِدُوا عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِأَنْ يُعْطُوا أَفْضَلَ مَحْبُوبَاتِهِمْ الْمَخْلُوقَةِ