للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّيِّئَاتِ وَلُزُومُ هَذَا الْفَرْقِ إلَى الْمَمَاتِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَحْسِنْ الْحَسَنَ الْمَأْمُورَ بِهِ وَلَمْ يَسْتَقْبِحْ السَّيِّئَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ الْإِيمَانِ شَيْءٌ. كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ} . وَكَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّتِهِ قَبْلِي إلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ؛ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَأَضْعَفُ الْإِيمَانِ الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ بُغْضُ الْمُنْكَرِ الَّذِي يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ الْإِيمَانِ شَيْءٌ؛ وَلِهَذَا يُوجَدُ الْمُبْتَدِعُونَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الْمَحَبَّةَ الْمُجْمَلَةَ الْمُشْتَرَكَةَ الَّتِي تُضَاهِي مَحَبَّةَ الْمُشْرِكِينَ يَكْرَهُونَ مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَيَقُولُونَ: فُلَانٌ يُنْكِرُ وَفُلَانٌ يُنْكِرُ وَقَدْ يُبْتَلَوْنَ كَثِيرًا بِمَنْ يُنْكِرُ مَا مَعَهُمْ مِنْ حَقٍّ وَبَاطِلٍ فَيَصِيرُ هَذَا يُشْبِهُ النَّصْرَانِيَّ الَّذِي يُصَدِّقُ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَيُحِبُّ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ كَالْمُشْرِكِ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهَ وَيُحِبُّ الْأَنْدَادَ وَهَذَا كَالْيَهُودِيِّ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَيُبْغِضُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَلَا يُحِبُّ اللَّهَ وَلَا يُحِبُّ الْأَنْدَادَ؛ بَلْ يَسْتَكْبِرُ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ كَمَا اسْتَكْبَرَ فِرْعَوْنُ وَأَمْثَالُهُ.