وَلَمْ يَصْنَعْ بِهَا فَهَذَا بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ الْجَبْرُ بَلْ يَنْبَسِطُ بِسَاطُ الشَّرْعِ وَيَنْشُرُ عِلْمَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَيَكُونُ لِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ. فَقَدْ بَانَ لَك أَنَّ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِإِثْبَاتِ التَّأْثِيرِ أَوْ نَفْيِهِ دُونَ الاستفصال، وَبَيَانَ مَعْنَى التَّأْثِيرِ رُكُوبُ جَهَالَاتٍ وَاعْتِقَادُ ضَلَالَاتٍ وَلَقَدْ صَدَقَ الْقَائِلُ: أَكْثَرُ اخْتِلَافِ الْعُقَلَاءِ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِ الْأَسْمَاءِ وَبِأَنَّ لَك ارْتِبَاطَ الْفِعْلِ الْمَخْلُوقِ بِالْقُدْرَةِ الْمَخْلُوقَةِ. ارْتِبَاطُ الْأَسْبَابِ بِمُسَبَّبَاتِهَا وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ ذَلِكَ جَمِيعُ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِنَّ اعْتِقَادَ تَأْثِيرِ الْأَسْبَابِ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ دُخُولٌ فِي الضَّلَالِ، وَاعْتِقَادَ نَفْيِ أَثَرِهَا وَإِلْغَاؤُهُ رُكُوبُ الْمُحَالِ وَإِنْ كَانَ لِقُدْرَةِ الْإِنْسَانِ شَأْنٌ لَيْسَ لِغَيْرِهَا كَمَا سَنُومِئُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَلَعَلَّك أَنْ تَقُولَ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ: أَنَا لَا أَفْهَمُ الْأَسْبَابَ وَلَا أَخْرُجُ عَنْ دَائِرَةِ التَّقْسِيمِ وَالْمُطَالَبَةِ بِأَحَدِ الْقِسْمَيْنِ وَمَا أَنْتَ إنْ قُلْت هَذَا: إلَّا مَسْبُوقٌ بِخَلْقِ مِنْ الضُّلَّالِ: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} وَمَوْقِفُك هَذَا مَفْرِقُ طُرُقٍ إمَّا إلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إلَى النَّارِ فَيُعَادُ عَلَيْك الْبَيَانُ بِأَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا مِنْ حَيْثُ هِيَ سَبَبٌ كَتَأْثِيرِ الْقَلَمِ وَلَيْسَ لَهَا تَأْثِيرٌ مِنْ حَيْثُ الِابْتِدَاعُ وَالِاخْتِرَاعُ وَنَضْرِبُ لَك الْأَمْثَالَ لَعَلَّك تَفْهَمُ صُورَةَ الْحَالِ وَيُبَيِّنُ لَك أَنَّ إثْبَاتَ الْأَسْبَابِ مُبْتَدِعَاتٌ هُوَ الْإِشْرَاكُ وَإِثْبَاتَهَا أَسْبَابًا مَوْصُولَاتٌ هُوَ عَيْنُ تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَقْذِفَ بِقَلْبِك نُورًا تَرَى هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute