للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَذِهِ الْآثَارُ هِيَ الَّتِي تُورِثُهَا الْأَعْمَالُ هِيَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ وَإِفْضَاءُ الْعَمَلِ إلَيْهَا وَاقْتِضَاؤُهُ إيَّاهَا كَإِفْضَاءِ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَسْبَابًا إلَى مُسَبَّبَاتِهَا وَالْإِنْسَانُ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ حَصَلَ لَهُ الرِّيُّ وَالشِّبَعُ وَقَدْ رَبَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الرِّيَّ وَالشِّبَعَ بِالشُّرْبِ وَالْأَكْلِ رَبْطًا مُحْكَمًا وَلَوْ شَاءَ أَنْ لَا يُشْبِعَهُ وَيَرْوِيَهُ مَعَ وُجُودِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَعَلَ إمَّا أَنْ لَا يَجْعَلَ فِي الطَّعَامِ قُوَّةً أَوْ يَجْعَلَ فِي الْمَحَلِّ قُوَّةً مَانِعَةً أَوْ بِمَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُشْبِعَهُ وَيَرْوِيَهُ بِلَا أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ أَوْ بِأَكْلِ شَيْءٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ فَعَلَ. كَذَلِكَ فِي الْأَعْمَالِ: الْمَثُوبَاتِ وَالْعُقُوبَاتِ حَذْوُ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ الثَّوَابُ ثَوَابًا؛ لِأَنَّهُ يَثُوبُ إلَى الْعَامِلِ مِنْ عَمَلِهِ: أَيْ يَرْجِعُ وَالْعِقَابُ عِقَابًا لِأَنَّهُ يَعْقُبُ الْعَمَلَ: أَيْ يَكُونُ بَعْدَهُ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا يُثِيبَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ إمَّا بِأَنْ لَا يَجْعَلَ فِي الْعَمَلِ خَاصَّةً تُفْضِي إلَى الثَّوَابِ أَوْ لِوُجُودِ أَسْبَابٍ تَنْفِي ذَلِكَ الثَّوَابَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَفَعَلَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وَكَذَلِكَ فِي الْعُقُوبَاتِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ نَفْسَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِاخْتِيَارِ الْعَبْدِ وَمَشِيئَتِهِ. الَّتِي هِيَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَيْضًا وَحُصُولُ الشِّبَعِ عَقِبَ الْأَكْلِ لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهِ صُنْعٌ أَلْبَتَّةَ حَتَّى لَوْ أَرَادَ دَفْعَ الشِّبَعِ بَعْدَ تَعَاطِي الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لَهُ لَمْ يُطِقْ وَكَذَلِكَ نَفْسُ الْعَمَلِ هُوَ بِإِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ فَلَوْ شَاءَ أَنْ يَدْفَعَ أَثَرَ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَثَوَابَهُ بَعْدَ وُجُودِ مُوجِبِهِ لَمْ يَقْدِرْ.